شــدّي شـراعـك *
___________
شـدِّي شِـراعَـكِ فـالـطـريـقُ طـويـلُ
وأمـامَــنـا بـعـد الــرَّحـيـلِ رحـيـلُ
//
إنـي لأبـصـرُ فـي مـرايـا حـاضـري
قــبــراً بـهِ غـدُنـا الـذَّبــيــحُ نـزيـلُ
//
لا تُـحْـسِـني بغـدي الظـنونَ فأمْـسُـنا
دام ٍ وحـاضــرُ يــومِــنــا مـغــلـولُ
//
إنْ كان في الـمعـلومِ سِـفـرُ سـقـامِـنا
فــلــرُبَّ داءٍ طِــبُّـهُ الـمــجـهــولُ
//
أوَلـسْـتُ مـن وطنٍ يـســيـلُ صـبـاحُهُ
قـيـحـا ً ويـنـدى بـالــدِّمـاءِ أصـيـلُ ؟
//
جادتْ عـلـيـهِ الـنـائـبـاتُ فأمْـطـرتْ
قـهــراً ويـنـبـوعُ الـحـبـورِ بـخـيــلُ
//
أنا آخـرُ الـعـشّـاقِ يـا كـتـبَ الـهـوى
لـكـنَّ حـظـي فـي هــوايَ قــلـــيــلُ
//
أنـا آخرُ الـعـشّـاقِ .. أمي ” عـبـلـةٌ ”
وأخي ” كُـثَـيِّـرُ ” والشقيقُ ” جميلُ ”
//
و” ابنُ الـمُـلوَّحِ ” منهُ بعضُ ملامحي
وجـمــيـعــنـا في عِــشــقِـهِ مـخـذولُ !
//
آهــاتُـنــا ـ عــنـد الــلـقـاءِ ـ رســائِـلٌ
ودمـوعُــنـا ـ عـنـد الـوداعِ ـ رســولُ !
//
حُـزنـي بـدجـلــةَ والـفـراتِ خُـرافــة ٌ :
مـنفـايَ بـيـتـي .. والـحـبـيـبُ عـذولُ !!
//
أنـا مـا نـحـلـتُ لأنَّ صـحـنـي مُـعْسِـرٌ
لــكـنَّ صـحـنَ الــرّافِــديــن نـحــيــلُ
//
لـطَـمَـتْ شـبـابـيـكُ الضِّفافِ خـدودَهـا
حُـزنــا ً ومَـزَّقــتِ الــثــيـابَ حــقــولُ !
//
فـإذا حـفـيـفُ الــنـخــلِ لـوعَــةُ نـادبٍ
وخـريـرُ دجــلــةَ والــفــراتِ عـويـلُ !
//
ما العُـجْـبُ إنْ سُــلَّ النّخيلُ ؟ فأرضُـنـا
مــسْـلــولـةٌ …. وفُــراتُــنــا مــســلـولُ !
//
ما الـعُـجـبُ ؟ قد كـبَـتِ المـآذِنُ غِـيـلـة ً
واغْــتـيـلَ تـحـتَ قِـبـابِـهـا الــتَّـرتـيــلُ !
//
ما الـعـجبُ ؟ قـد باعَ الـرِّجالُ سـيـوفَهم
وتـكـرَّشـتْ ـ فـرط الـخـمـولِ ـ خـيـولُ !
//
واسْــتـبـدلـوا طـبْــلا ً بـصوتِ مُـكـبِّـر ٍ
فـإذا الــنـضــالُ : ربـابـةٌ .. وطـبـولُ
//
وإذا عـيـونُ الـشمسِ تُـطـبِـقُ جـفـنـها
حـول الـصـبـاحِ : أيـنـفـعُ الـقِــنـديـلُ ؟
//
هــذا عـراقــكَ يـا خـلـودُ : رغـيـفُــهُ
حَــسَـــكٌ .. وكـوثــرُهُ دمٌ ووحُـولُ !
//
تـحـتَ الـكـراسي فـي العـراقِ جماجمٌ
وعـلـى الكـراسي في الـعـراقِ مَـغـولُ !
//
لـلـجـاهـلـيّـةِ في الـعـراقِ ” عـقـيــدةٌ ”
و” بـني قُـريـضـةَ ” مـحـفـلٌ وقـبـيـلُ !
//
زُمَــرٌ إذا مــرّتْ بــواحـةِ نــعـــمــةٍ
شـاصـتْ عـذوقُ الـنـخـلِ وهْيَ حَـمـولُ !
//
فـغـرتْ جـراحاتُ العـصـورِ ثـغـورها
ومــشـى عـلى وجـهِ الــزّمـانِ ذهــولُ
//
نـدَفَ الأسى صحبي فـأصْـحَرَ جَـمْـعُـنـا
وتــقــاذفــتْــنــا فـي الــدّروبِ ســـيـولُ
//
يــمـضـي بـنـا نـهْـبـاً ســبـيـلُ ذهـابـِنـا
أمّــا الإيــابُ ؟ فــمـا إلــيــهِ ســـبــيــلُ
//
بـغـدادُ : ما نـفـعُ الـحـسـام وفي يـدي
شــلـلٌ وســهــمُ أرومــتـي مــشـــلـولُ ؟
**
ســأبـوحُ … لـكـنّ الـلـسـانَ خـجــولُ
خـطـوي قـصـيـرٌ والـطـريـقُ طـويـلُ !
//
هـذا نـصـيـبـي .. أنْ أحِـبَّ فـأسْــتـبـى
ويُـذِلُّــنـي ـ وأنـا الـعــزيــزُ ـ ذلــيــلُ !
//
فــزَّ الـفـراتُ بـمـقــلــتـيَّ وأيْـقـظــتْ
أشـواكـهــا تـحـتَ الـجـفـونِ فـصــولُ
//
يـا دمـعَ أمـي .. يـا دُعــاءَ صـلاتِـهــا
عُـذراً إذا خـان الــمَــشـوقَ وصــولُ
//
تـعِـبـتْ مـن الـتِّـرحـالِ قافـلـتي ومـا
أخـفـى دمـوعَ صَـبـابـتـي الـمـنـديـلُ
//
لـولا صـدى الأيـام ِ فـي عَـرَصاتِهـا
أتُـثـيـرُ شــوقَ الـواقِــفــيـن طـلــولُ ؟
//
وطـنـي هـو الـطـلـلُ الـقـديـمُ ولـيْ بـهِ
أهـــلٌ … وحــقــلُ مــودَّة ٍ .. .وبـتـولُ
//
طـلـلٌ … ولـكـنْ لا أراهُ .. نـأتْ بــهِ
عـنـي صـحـارى غـربــةٍ وســهــولُ
//
وأنا الـفـتى” المخْبولُ” مَـسَّ كهولـتي
عـشـقٌ يـمـوتُ بـدونـهِ ” الـمـخـبـولُ ”
//
فـرضـوا عـلى الـمـقـتـولِ فِـديَةَ قـاتِلٍ
لـيـحـوزَ قـبـراً في الـعـراقِ قــتـيـلُ !! **
**
الـحـقـلُ قـنـديـلُ الـقـرى .. وضِـيـاؤهُ
عُـشـبٌ .. وجـدولُـهُ الـوديـعُ فـتـيـلُ
//
بيْ لـلـضِـفـافِ الـناعِـسـاتِ صَـبابـةٌ
ولِـخَــدِّ نـهــر ٍ خـالُـهُ الـجــنـــدولُ
//
أبْـدَلـتُ بـالـعـمـر الـمـديـدِ سُـوَيْـعـة ً
في حُـضْـنِ أمـي لـو يـجـوزُ بـديـلُ !
//
ولِجُرفِ نهـرِكِ يا سَـماوةُ .. طِيـنُهُ
لا زالَ يـنـبـضُ في دمي ويـجـولُ
//
رُدِّي لـعـقـلي بعضَ جهـلِ طفولـتي
قـد عـاشَ أمْـنــا ً في العراقِ جَـهـولُ !
//
لا تـفـحـصي نـبـضَ الـوريـدِ فإنـني
مـن قـبـلِ يـوم ِ ولادتـي مـقــتـولُ !!
*********
21/4/1996
***
* من ديوان ” هذه خيمتي .. فأين الوطن ؟ ” الصادر عام 1997 والحائز جائزة مؤسسة ابن تركي للإبداع برعاية جامعة الدول العربية .
** كان نظام صدام حسين الوحيد في التاريخ البشري الذي يفرض على ذوي ضحاياه المعدومين : دفع ثمن رصاصات الإعدام ( والعراقيون يعرفون هذه الحقيقة )