فـضـح الهوى سـرّي
__________
( الى مدينة السماوة: جنتي وجحيمي ..
وإلى صديقي الشاعر فاروق بنجر )
____________
لا تسـألي مَنْ كان قـد وهَـبـا
في الحـبِ تِـبـرَ طفولةٍ وصِبا
//
مـازال رغـمَ حَـريـقِـهِ مَـطـراً
يَـسْـتـنـبِـتُ الـرّيحانَ والعِـنَـبـا
//
وُشِـمَـتْ جـوارحُهُ بمَنْ سَكنتْ
قـلـبـاً أنـابَ لِـنـبـضِــهِ الأدبــا
//
أســرى بـه والعـشـقُ هـودجُهُ
مـاضٍ يُـطِـلُّ عـلى غدٍ حَـدِبـا (1)
//
أوَلَـسْـنتِ نـاعـوراً لـجـدولِـه
ولِـعِـقـدِه الـياقـوتَ والـذهَـبـا؟
//
فـي أقحـوانِـك مـن مَـدامِـعِـهِ
دفءٌ ونـفـحٌ غـالَـبَ الحُجُـبـا
//
أفـتسـألـيـن سـواه؟ أيُّ هـوىً
يُـنسي العـيونَ الجفنَ والهُـدُبا؟
//
تـنـأى بـهِ الأحـلامُ فهـو عـلى
وجْـدٍ يُـؤمِّـلُ مـنـكِ مُـقـتَــرَبـا
//
يَـقـفـو دُجاكِ بـشـمسِ مُقـلـتِهِ
لـو أنَّ قـنديـلَ الـمسـاءِ خـبــا (2)
//
ويَـرشُّ رملَـكِ من نـدى دمِـهِ
ثـمِـلٌ وغـيرَ هـواكِ ما شربـا
//
صَـدقـتْ ثـمالـتُـهُ وقـد كَـذِبَـتْ
كـاسـاتُــهُ … ورحـيـقـه كَـذِبـا
//
أيقظتِ في الطفلِ الـوديـع مُـنىً
هَـرِمَتْ ونبعـاً كان قد نـضـبـا
//
ياويحَـه ـ الطفلَ الـوديع ـ أمـا
خَبَـرَ الهوى وهْـماً ومُـنـقَـلَـبـا؟
//
نكـثـتْ بـهِ الأحلام فانـتَـبَـذتْ
جفـنيهِ لـمّـا أدْمَـن الـوَصَـبـا (3)
//
ويْحيْ عليكِ ..عليّ ..أيّ هوىً
صـرْنـا لِـمَـوقِـدِ نارهِ حَـطَـبـا؟
//
فـضحَ الهوى سِرّي وَوَطَّنني
كهفـاً مع الـبلوى .. ومُغـترَبا
//
وأذلّ قــيـثــاري فـمـا عـرفـتْ
أوتـارُهُ في غُـربــةٍ طَــرَبـا
//
عَـتَـبي عليّ .. نزفـتُ أزمنـتي
مُسْـتسهلاً في الحب ما صَعُـبا
//
عَجَـبـا عليّ ! أكلّما طُـعِـنَـتْ
روحي أزيـدُ صبابةً ؟ عجَـبـا !
//
جَـحَـدَ الحبيبُ فقلتُ: ذا زعَـلٌ
وقـسا فـقـلـتُ: مُـسامحٌ عَـتَـبـا
//
نـدْمى فـنستـرضي يداً غرسَـتْ
رُمْـحَ الجفاءِ وأوْهَـنَتْ عَـصَـبا
//
مولايَ ياقـلـبي .. أمِـنْ حَـجَــرٍ
ترجو لعـشْـبٍ ظامئٍ سُـحُـبـا ؟
//
خـمـسون ـ أو كادتْ ـ وما برحـتْ
سُـفُــني تُصارعُ مُـزْبِـدا ً لَجـِبـا
//
خـمـسون ـ أو كادت ـ ولا مطــرٌ
عـذبٌ يُضاحِـك مُـتْـعَـبـاً تَـرِبـا
//
خـمسون .. يُوهِـن عزمَها وجَعٌ
في الروحِ أنّ الحَـتْـم قد قـرُبـا
//
خمـسون ـ أو كادت ـ ولا أمَـلٌ
ليْ بالرجوعِ لِمَعْـشَـر ٍ ورُبــا
//
لـ (سماوةٍ) شُـغِـفَ الفؤادُ بها
فـاخـتارهـا لـرفـيـفِـه نَــسَــبـا
//
ولنخـلـةِ ِ(البرحيّ) تُـطعِـمُـنـا
ظـلاً بصحنِ الحَـوشِ والرُّطَبا (4)
//
كـنّا ـ لفرطِ الـودِّ ـ نحـسَـبُـهـا
حِـرْزاً ونـاطـوراً ودرعَ صَـبـا (5)
//
مـازلـتُ أذكـر عُـشَّ فـاخِـتــةٍ
فـيهــا وفـرْخـاً آمَـنَ الـلعِــبـا
//
ما حالها بعـدي؟ وهـل عـبثتْ
أيـدٍ بعُـشٍّ يحـضـن الـزُّغُـبـا؟
//
شـوقي لبسـتان ٍ وجـدتُ بـهِ
بدءَ الهوى لـلـثمِ مُـحْـتَـطـبـا
//
للطين ـ وهو دُمى طفولـتِـنا
ليت (السماوة) تـتقـنُ الهَـرَبا
//
بيني وبين ضحى شواطـئهـا
شِـبرٌ ـ زماناً ـ لـيـته احتجبا
//
فيحاءُ .. لـولا أنّ طـاغـيــةً
ألـقـى على بسـتـانها الجَـرَبـا
//
فتوسّدتْ صخراً وما التحفتْ
إلاّ صديدَ القـيحِ .. والسّغـبا
//
أمسَـيْتُ لا جوعاا ً ولا بَـطَـرا ً
أختارُ عـن أفـيـائـهـا الهَـرَبـا
//
رغَّبت نفسي عن (سماوتها)
لكـنما الـقـلبُ العَـنـيـدُ أبـى (6)
//
جفّ النداء على فمي ومشى
تَـعَـبٌ بعـكّـاز المُـنـى فـكـبــا
//
تلهو الرياح بجفـن أشرعـتي
وتغِـلُّ دون الطالبِ الطّـلـبـا
//
الذكريات؟ تُـزيـدُني وجَـعــاً
ولـقـد تـؤجِّـجُ زفــرةٌ لهـبــا
//
أصـداءُ لا أغـلى ! تُـذكّـرنـي
بغـدٍ قـتيـل ٍ أو رمادِ صِـبا
//
نـبَـشَـتْ سـويـعـاتٌ مُجَـنّحـةٌ
عـمري فألفتْ صـرحَـهُ خربا
//
ماذا سـيـبـقى من حـدائـقــهِ
إنْ كان زهـرُ شـبابهِ احتُطِبا؟
//
سَـكب النوى عمري فلا عبقا
أبقى بكأسِ الـقـلب أو حَـبَـبـا !
//
كـتَـبَ الهوى أن يُستباحَ غدي
باسـم المنى .. يانِعـمَ ما كـتـبـا !
16 /3/2002
**
(1) حدب: شديد التحنان والعطف
(2) يقفو: يتبع
(3) الوصب: المرض من صبابة
(4) الحوش: الفناء المحيط بالدار
(5) الصَبا: بفتح الصاد: الريح التي تهب من الشرق ـ وهي مستكرهة في العراق لكونها ريح سموم
(6) إشارة إلى بيت أبي ذؤيب الهذلي:
والنفس راغبة إذا رغبتها وإذا تُردّ إلى قليل تقنع