قبل 150 عاماً بدأت الجامعات في إحلال العلم بدل اللاهوت.قبل 150 عاما تأسَّس نمط جديد من الجامعات.. إنّه «جيل الجامعات البحثية» حيث الهدف هو البحث والعلم، والناتج المعرفى، والإنتاج الصناعى، والعائد الاقتصادى.. أو فى جملة واحدة: “حيث الجامعة هى الدولة”.قبل 150 عاماً تحوّل هدف الجامعات ، من تعليم الطلاب إلى إنتاج المعرفة.قبل 150 عاما أدركَ العالم المُتقدّم ، ” أنّ جوهر «الجامعات العظيمة» هو “انتاج” العلماء ، وليس “تفريخ” الخريجين.قبل 150 عاما لم يكن هدف رجال الأعمال هو “الربح”، ولم يكن هدف قادة الجامعات هو “تخريج” الطلاب.. بل اكتشاف أنواع جديدة من المعرفة، وأنماط جديدة من التفكير.وبعد 150 عاماً .. ها هي “جامعاتنا” الآن ، تُريدُ أن تجعلَ الجميع “خرّيجين” ، و أن يكون جميع “الخرّيجين” ، من “حملة الشهادات العليا”.بعد 150 عاماً .. ها هي جامعاتنا ، ما يزالُ الكثير منها يقوم بتدريس “اللاهوت” .. حيثُ اللاهوتُ أهمّ من العلم ، بل هو العلمُ ذاته ، ولا عِلم سواه.بعد 150 عاماً ، ترمي “جامعاتنا” بعشرات الآلاف من “الخريجين” سنوياً إلى “الشارع” ، وليس إلى سوق العمل. وبعد 150 عاماً لم تتمكّن جامعاتنا من التحوّل إلى جامعات بحثيّة تهتمّ بإنتاج المعرفة ، وبدلاً من ذلك ، هاهي تتحوّل الآن إلى “مطابع” لإنتاج الشهادات “الورقيّة” ، بدءاً من البكالوريوس ، وإنتهاءً بالدكتوراه ، وما بعد الدكتوراه أيضاً .لمزيدٍ من التفاصيل ، إقرأوا ما يأتي:”جونز هوبكنز» وأخواتها.. كيف حكمت أمريكا العالم؟ لا يعرف كثيرون أن أرقام «كورونا» التى يتابعونها كل يوم هى إحصاءات صادرة عن جامعة «جونز هوبكنز» الأمريكية.. فما القصة؟ فى عام 1636 تأسست جامعة «هارفارد» فى أمريكا، وكانت كلية «وليام ومارى» تتأسس كثانى جامعة بعد «هارفارد»، ثم جاء القرن الثامن عشر، ليفتتح مئويته بتأسيس جامعة «ييل» عام 1701. وفى النصف الثانى من القرن تأسست جامعة «برنستون»، و«كولومبيا»، و«بنسلفانيا». وفى عام 1767، كانت جامعة «كولومبيا» هى أول جامعة أمريكية تمنح درجة الدكتوراه فى الطب.. كان تأسيس جامعة هارفارد و«أخواتها» بداية حقبة فى العالم الجديد. لكن جامعة «جونز هوبكنز» التي تأسست عام 1876 كانت بداية حقبة أهم.. إنّها بداية انطلاق الولايات المتحدة كقوة عظمى قادمة. ذلك أن نمطاً جديداً من الجامعات قد تأسَّس.. إنّه «جيل الجامعات البحثية» حيث الهدف هو البحث والعلم، والناتج المعرفى، والإنتاج الصناعى، والعائد الاقتصادى.. أو فى جملة واحدة: «حيث الجامعة هى الدولة» .تأسست جامعة «جونز هوبكنز» من خلال تبرع من رجل الأعمال «جونز هوبكنز»، ويعادل رقم التبرع اليوم 150 مليون دولار. وقد كان ذلك هو أكبر تبرع خيرى فى تاريخ أمريكا حتى ذلك الوقت. ومن المفارقات المثيرة أن رجل الأعمال المعاصر «مايكل بلومبيرج» كان قد تبرع أيضاً ( في عام 2018 ) لجامعة «جونز هوبكنز» التى تخرج فيها، وكان تبرعه الذى يقارب مليارى دولار هو أكبر تبرع فى تاريخ التعليم الأمريكى منذ نشأته وحتى الآن. يدرك «بلومبيرج» تماماً جوهر عمل جامعته، ولذلك فقد خصص التبرع لصالح الطلاب الموهوبين من غير القادرين مالياً، وذلك لاجتذاب الطلاب الأكثر نبوغاً والذين قد لا يكون بمقدورهم دفع تكاليف الدراسة كافة التى تزيد على 70 ألف دولار سنوياً. يروى أستاذ جامعة كولومبيا وعالم اجتماع العلم المرموق «جوناثان كول» فى كتابه «جامعات عظيمة» (الذى ترجمه للعربية «ناصر الحجيلان»، وصدر عن «الدار المصرية اللبنانية» عام 2016) قصة الجامعات البحثية العظيمة فى أمريكا، وكيف تحوّل الهدف فيها من تعليم الطلاب إلى إنتاج المعرفة. إنه كتاب رائع تمنيت لو قرأه كل قادة الجامعات فى بلادنا، وخلاصته ” أنّ جوهر «الجامعات العظيمة» فى أمريكا هو تقديم العلماء وليس الخريجين. وبينما «يعتقد كثيرون أن المهمة الرئيسية للجامعات هى نقل المعرفة، يفوتهم أنّه لا يمكن الفصل بين التعليم والبحث. لذا يجب أن تستمر الجامعات الأمريكية فى اكتشاف أنواع جديدة من المعرفة، وأنماط جديدة من التفكير. وإذا أرادت واشنطن أن تحافظ على القيادة فى الاقتصاد فى القرن الحادى والعشرين، فعليها إدراك هذه المهمة الأكاديمية بوضوح”. إن هذا الطرح دقيق للغاية، ذلك أن 80% من الصناعات الأمريكية الجديدة تعتمد على اكتشافات قامت بها جامعات أمريكية. لقد أدركت الجامعات البحثية أو «الجامعات العظيمة» أن مهمتها هى تقديم الاكتشافات العلمية فى العالم، وتقديم الأبحاث المنتجِة، وإعداد الشباب ليكونوا قادةً فى البحث والعلم، ذلك أن الإبداع والابتكار، ونقل العلم إلى الصناعة.. هو ما جعل الجامعات الكبرى أساس تقدم أمريكا وأساس حسد العالم. إن أمريكا لم تبتكر فكرة «الجامعات البحثية» بل إنها نقلتها من أوروبا . فحين تأسست جامعة هارفارد عام 1636 كانت ذات نزعة دينية، وكان «بنيامين فرانكلين» هو من أسس منهجاً بعيداً عن الأهداف الكنسية لجامعتى «هارفارد» و«ييل»، واعتمد العلوم والدراسات العملية بديلاً عن ذلك. وقد تأثرت خريطة هارفارد على أثر هذا المنهج، بحيث تراجع عدد طلاب «اللاهوت»، وزاد عدد طلاب «العلوم». وفى عام 1834 وبينما كان عدد طلاب الطب فى هارفارد 80 طالباً، كان عدد طلاب اللاهوت 30 طالباً. ثلاثة قادة كبار كانوا وراء صناعة «الجامعات العظيمة» فى أمريكا، والانتقال من «التعليم» إلى «البحث»: بنيامين فرانكلين فى جامعة بنسلفانيا الذى ابتعد عن التأثير الكنسى على الجامعات، ورجل الأعمال «جونز هوبكنز»، الذى أسس أول جامعة بحثية مرموقة، و«دانيال جيلمان» أول رئيس لجامعة «جونز هوبكنز»، وأول من قاد «جامعة بحثية» فى تاريخ أمريكا. تأسست جامعة «جونز هوبكنز» بعد مائة عام من الحرب الأهلية، لتكون أول جامعة تهتم بالبحث العلمى.كان هناك دوماً خطّان متوازيان، رجال الأعمال وقادة الجامعات. كان «جونز روكفلر» فى النفط، ثم جامعة «روكفلر»، وكان «أندرو كارنيجى» فى الحديد والصلب، وكانت مؤسسة «كارنيجى»، وكان «واشنطن ديوك» فى التبغ وكانت جامعة «ديوك». لم يكن هدف رجال الأعمال هو الربح، ولم يكن هدف قادة الجامعات هو تخريج الطلاب. وهنا جاء هذا التحالف الرائع بين نموذجين من الوعى أدّى إلى تأسيس القوة الأمريكية المعاصرة.إن معظم الإنتاج الجديد فى أمريكا قد جاء من هذه الجامعات. ولولاها ما كان الإنتاج ولا الاقتصاد، لا فى السلام ولا فى الحرب. لولا الجامعات البحثية، ومختبرات العلوم، وبراءات الاختراع، ما كانت المصانع ولا الشركات، وما كان الإنتاج ولا التصدير. وفى مقولة واحدة: «ما كانت أمريكا هى أمريكا» .لم ينته التاريخ بعد، واليوم تحاول جامعات الصين أن تأخذ من أمريكا ما سبق أن أخذته من ألمانيا. إن برنامج «الألف موهبة» فى الصين، والذى تجرى بشأنه محاكمة رئيس قسم الكيمياء فى جامعة هارفارد «تشارلز ليبر».. يمثل نموذجاً لمحاولة الإحلال الصينى محل الولايات المتحدة فى مجال البحث العلمى. تدرك الصين أن «البحث» هو الذى قاد أمريكا إلى صدارة العالم، وأن المعادلة التى تحكم فلسفة العصر الحديث هى أن الجامعات العظيمة هى التى جعلت أمريكا قوة عظمى، وأن مَن يملك العلم يملك العالم.أحمد المسلماني
سالم
مكسورُ الظهرِ ومكسورُ القلبِ ومكسورُ الخاطر
مكسورُ الظهرِ ومكسورُ القلبِ ومكسورُ الخاطر
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 6676 – 2020 / 9 / 14 – 14:40
المحور: الادب والفن
في كُلِّ مسامةٍ من هذهِ الروحِ
كَسْرٌ.
أنا الآنَ مكسورُ الظهرِ ، ومكسورُ القلبِ ، ومكسورُ الخاطر.
أنا من أُمّةِ “المكاسيرِ” التي يكسرها
هذا الوطنُ المكسورُ مثلي.
أنا المكسورُ كثيراً
المكسورُ جدّاً
أستجيرُ بآخرَ المضاربِ في قبيلةِ الصمتِ
وأُغلِقُ على ما تبَقّى من الروحِ
خيمةَ الأسى
وأتركُ نفسي تنامُ طويلاً
فوقَ هذا الرملِ الموحشِ
الذي لايوجدُ فيهِ موزارت
ولا هيجل
ولا مارلين مونرو.
أنا العابِرُ قسراً
في هذا الوطنِ القسريّ
العابِرُ الذي لَنْ ينْتَخِب
ولن يتظاهَرْ
ولن يكتُبَ “منشوراً”
ولن “يُعَلّقَ” على شيءٍ
ولن يضَعَ “لايكاً” لأحد
ولا قلباً أحمر
ولا وجهاً يبكي.
أنا العابِرُ الذي لن أكونَ معَ ، أو ضِدَّ
ولن أُصابَ بالدهشة
ولن أشْعُرَ بالغضب.
أنا العابِرُ الذي لا شأنَ لي ، بكُلِّ هذا الجوعِ الكاسرِ ، والعطشِ الكاسرِ ، والظلامِ الكاسرِ ، و العملِ الكاسرِ للظهرِ في السبعينِ من العُمْرِ ، و التجنيدِ “الإجباريِّ” الكاسرِ للروحِ ، والراتبِ التقاعُديِّ الذي يكسِرُ العائلة.
أنا أمتَلِكُ الآنَ القليلَ من الزمن الإضافيّ
الذي سأُحِبُّكِ فيهِ فقط
فيما تبَقّى لي منَ الوقت
وسأحاولُ أنْ أنامَ عميقاً
لأراكِ هناك
وأحلمُ في حضوركِ ذاك
بأشياءَ لا تحدثُ في الواقع.
أنتِ أيضاً
منَ الأشياءِ التي لا تحدثُ في الواقع
لذا سأُغلِقُ عيني عليكِ
وأبتَسِمْ
قبلَ لحظةٍ واحدة
من الغيابِ الأخير
وسأترُكُ الفِتيةَ والصبايا
الذين لايُريدونَ أن يعرفوا ماهو الحُبّ حَقّاً
“يثورونَ”
و يكتبونَ عن “الثورة”
وعنِ الوطنِ الذي لا يستحي
وعنِ المرأةِ التي لا تجيء.
ومثلُ الذينَ إنتهى وقتُهُم
سأترُكُ الأمكنةَ التي كانتْ أثيرةً عندي
للقادمينَ
الذينَ لا شأنَ لهم بالرائحة
وليسَ لديهم في العطيفيّةِ ، واليرموكِ ، والعامريّةِ ، والدورةِ ، شيءٌ أثير
وسأُغلِقُ على ما تبقّى من الروحِ
ما تبقّى من الروحِ
وأتمَدَّدُ على وجَعِ الفُقدانِ وحيداً
مكسورَ الظهرِ
ومكسورَ القلبِ
ومكسورَ الخاطر.
الحكومة والدولة والإقتصاد في العراق الراهن
هذه “الحكومة” الجديدة ، في هذه “الدولة” العراقيّة ، المُتخبّطة والعاجزة ، والغائبة أحياناً ، تختلف عن سابقاتها في إمكانية تحويل التحديّات التي تواجهها الآن ، إلى “مُمكنات” وفرص.
ليس العراقُ مُهمّاً لأحدٍ الآن .. كما كانَ قبل سنينٍ قليلةٍ خلت.
لا أحد(في الداخل والخارج) لديهِ الرغبة أو القدرة(أو كلاهما معاً) لـ “تغيير” النظام السياسي والإقتصادي القائم في العراق.
الشيء الوحيد المُتّفَق عليه دوليّا ، هو أن يبقى العراقُ بحدودهِ الحاليّة ، موحّداً جغرافياً .. كما سوريا ، كما ليبيا ولبنان واليمن.. كما السعوديّة.. كما كلّ إمارات وممالك وسلطنات الخليج.
الدول”الرئيسة” التي تتقاسمُ النفوذ والتأثير في العراق، لديها الآن من المشاكل ما يكفيها ،ويفيض ، وليست في وارد الإنفاق المادي(والمعنوي) على هذا الترف السياسي والعسكري غير المُجدي المُسمّى .. عراق.
“مُتلازمة” الظروف السياسية – العسكرية – الماليّة – الإرهابيّة في عهد السيد العبادي ، و “مُتلازمة” الضعف – الفوضى – التخبّط في عهد السيد عبد المهدي ، غيرُ فاعلةٍ الآن ، كما كانت آنذاك.
“القوى السياسية” التي بقيت تتحكّم في هذه “الدولة” طيلة سبعة عشر عاماً ، هي في أسوأ أوضاعها الآن .. ولا يوجد ما يشير إلى أنّ وضعَ تحالفاتها ، بل وحتّى “تخادمها المصلحي” سيكونُ (مستقبلاً) أفضل ممّا هو عليه الآن .. بل إنّ جميع المؤشرّات والدلائل والمُعطيات ، تُشيرُ إلى أنّ وضعها سيكونُ أسوأ بكثير ، ممّا هو عليه الآن.
“الحراك” الشعبي يفتقر للإستدامة والفاعليّة . ورغم جسامة التضحيات البشرية التي رافقت الحراك “الإحتجاجي – الثوري” الأخير ، فإن هذا “الحراك الإحتجاجي” لم يعُد قويّاً ، ومُتجانِساً ، و”مدعوماً” ، ، ولم يعُد مُحصّناً (نسبياً) من “الإختراقات” متعددة الأوجه والأطراف ، كما كان الأمر في الإحتجاجات السابقة عليه.
لدينا “تفاهم” حكومي سابق مع صندوق النقد الدولي IRAQ – IMF STAND-BY ARRANGEMENT يتضمن”ترتيبات” مُعلنة ، وأشتراطات “ضمنيّة” ، ينبغي على “دولة” العراق الإيفاء بها ، لكي تحظى بصكّ “الجدارة الإئتمانية” والماليّة ، الذي لا يمكن لدولةٍ في العالم ، أن تمارس أنشطتها الإقتصادية الرئيسة ، ولا أن تفي بمتطلبات علاقاتها الإقتصادية الدوليّة(بما في ذلك القروض والإستثمار والتجارة) دون الحصول عليه.
وأؤكّد هنا على أن هذا “الإتفاق” هو بمثابة “تفاهم” على “ترتيبات” ، وليس اتفاق على شاكلة “خطاب النوايا” الذي يوقعّهُ صندوق النقد الدولي عادةً مع الدول والحكومات .. وأن المقصود بـ “اشتراطاته الضمنيّة” هنا هو ليس “الإملاءات “، لأنّنا ما نزال نُصنّف كدولة متوسطة الدخل ، ووفيرة الموارد ، وحاجتنا للدعم المالي من موارد الصندوق تبقى محدودة جداً في كلّ الأحوال.
وستتسائلونَ الآن: إذا كان العراق ليس مُهمّا، أو لم يعُد مُهمّا للآخرين(كما قلتَ قبل قليل).. فلماذا هذا الإصرار من قبل المنظمات الإقتصادية الدوليّة(ومن يقف وراءها)،على تطبيق وتنفيذ هذه “الترتيبات”؟.
الجواب هو : أنّ عراقاً “مُفلِساً” ، وعاجزاً عن إدارة موارده(المادية والبشرية) بالحدّ الأدنى من الكفاءة ، هو بمثابة “لغمٍ” دوليّ مُعرّض للإنفجار في أيّ لحظة. والبلد المُفلس أو المُعرّض للإفلاس(ليس بسبب شحّة الموارد، ولكن بسبب سوء إدارتها) ، هو بلدٌ مأزوم(اقتصادياً وسياسياً وإجتماعيّا) .. وأستمرار هذا التأزّم سيجعلهُ خَطِراً على نفسهِ ، وعلى جيرانه ، وعلى المجتمع الدوليّ بأسره.
ولكي تقوم الحكومة الجديدة بتنفيذ هذه “الترتيبات” ، فإنّ عليها أن تفي (بحكم الضرورة ، وليس بحكم الإتفاق) بجملة التزامات، أهمّها ما يأتي:
– أن تختار قيادة “مُتفهّمة” ، وكفوءة ، ومهنيّة ، لإدارة وزارة الماليّة الإتّحاديّة.. لأنّ جميع مفاتيح الحلّ والربط ، والشدّ والضبط ، هي في أيدي هذه الوزارة.
– أن تكون السياسة النقدية فاعلة وإيجابيّة .. وأن لا يقف البنك المركزي على الهامش من كُلّ شيء ، مُكتفياً بأداء وظائفه التقليدية(وغير التقليديّة أيضاً) ، في بلدٍ يتفشّى فيه الفسادُ والخراب ، أكثرُ ممّا يتفشى فيه التضخمّ ، و”إنهيار” قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار .
– يجب أن تكون وزارة التخطيط عاملاً فاعلاً ومسُاعِداً في تحقيق “الإصلاحات” المطلوبة ، وأن يتمّ استخدام قدراتها في إعداد البيانات والمسوحات والإحصاءات(وتطوير هذه القدرات) لدعم عمل وزارة المالية والبنك المركزي، في سعيهما الحثيث لتنفيذ الإصلاحات الإقتصادية والمالية المُناطة بهما، بأسرع وقتٍ ممكن.
– أن تُغادِر “الدولة” العراقية ، وإلى الأبد ، منهجها السابق في التوظيف السياسي”الشعبوي” للإقتصاد.. ومن بين ذلك ، أن تتوقف إلى الأبد عن “توظيف” مواطنيها دون حساب اقتصادي سليم للكلفة والعائد، ودون توافق دقيق مع احتياجات سوق العمل.. وأن تتوقف إلى الأبد عن نمط إدارتها البائس للإقتصاد ، بعدّه نمطاً لإدارة الرواتب والمخصصّات، التي تمنحها بسخاءٍ عند اليُسر، وتُحوّلها إلى مكاسب ومزايا اجتماعيّة راسخة يصعب التنازل عنها، وتعودُ فتأخذها(بصعوبةٍ ومرارة)عندما يشحُّ لديها المال.
– أن تُراجِع السلطة النقدية ، مُراجعة جادّة ، أساليب عملها الهادفة لتحقيق الإستقرار في الكتلة النقدية المتداولة(أو مايُسمّى بـ “تعقيم” الكتلة النقدية من خلال الإعتمادات والحوّالات والبيع النقدي).
ويتّهم البعض أهمّ أدواتها لتحقيق ذلك(وهي نافذة بيع العملة) بأنّها عُرْضَة للكثير من شبهات الفساد.
ومن خلال هذه “النافذة” تمّت تلبية طلبات تعزيز أرصدة المصارف في الخارج( لتأمين حاجة السوق من الإستيرادات الخارجية للعراق ، وللأغراض الأخرى ، كتحويلات المقيمين الشخصية ، وغيرها) ، بمبلغ وصل إجمالاً ألى 399 مليار دولار خلال المدة 2003 ، ولغاية نهاية السنة المالية 2018.
أمّا في ما يخصّ البيع النقدي فقد بلغ إجمالاً ما يقرب من 99 مليار دولار(للمدة ذاتها اعلاه) ، ليشكّل مانسبته 20% من اجمالي مبيعات”النافذة” من الدولار.
وبهذا يكون اجمالي مبيعات “النافذة” من الدولار ، قد بلغ 498.669 مليار دولار خلال السنوات 2003-2018 .. أي ما يقرب من نصف ترليون دولار.
(المصدر: البنك المركزي العراقي ، نافذة بيع العملة /2019 ، P23 .. وتجدون رابط المصدر في نهاية المقال).
– على صنّاع السياسة النقدية في العراق إدراك حقيقة مفادها : أنّ الاقتصاد العراقي يتّجه إلى مزيدٍ من البطالة والركود .. لأنّ دور البنك المركزي في تمويل عجز الموازنة العامة (من خلال “تنقيد” الدين) ، مايزال دون المستوى المطلوب . فمهما بلغ حجم ” تنقيد الدين” في العراق فإنّهُ لن يجعل الإنفاق الحكومي يرتفع إلى درجةٍ تجعل حجم الطلب الكلي يرتفع إلى الحدود القصوى للطاقة الإنتاجية المحليّة .. أو يُوَلّد “موجات” تضخميّة “تسوناميّة” كاسحة .. وذلك طالما كان مستوى الطلب الكلّي على السلع والخدمات المستوردة ، يقع ضمن حدود الإمكانات المتاحة لإحتياطيات البنك المركزي ، وقدرته على سد فجوة العملة الأجنبية .
– على السياسة المالية أن تتوقف عن ربط المشكلة الماليّة بعامل واحد ،هو عدم كفاية ايرادات صادرات النفط لتمويل الإنفاق الحكومي ، ومقارنة قيمة مبيعات صادرات النفط بالرواتب .. وأن تعمل بالتنسيق مع السياسة النقدية من أجل معالجة العجز في ميزان المدفوعات الخارجية .. وذلك لأنّ ايرادات النفط ، هي المصدر الوحيد تقريباً لتمويل استيرادات العراق (الحكومية والخاصة) من السلع والخدمات ، والمدفوعات الخارجية الأخرى.
-على صنّاع السياسة الإقتصادية العامة في العراق إدراك حقيقة مفادها : أنّ عجز الموازنة العامة في العراق هو نتيجة لإنخفاض سعر النفط في السوق العالمية ، وليس بسبب انخفاض العائدات الضريبية ، وزيادة الإنفاق. وإنّ ايرادات الموازنة العامة هي متغيّر مُستقِلّ تماماً عن الإقتصاد الوطنيّ (أي عن الطاقة الإنتاجيّة الكليّة للسلع والخدمات ، وتشغيل القوى العاملة ،والتكاليف والأسعار) .. وإنّ الفائض والعجز في الموازنة العامة تابعان لحركة وتذبذب سعر النفط في الخارج ، وليس نتيجة لتخفيض أو زيادة الإنفاق الحكومي داخل العراق.
( لمزيدٍ من التفاصيل ، أنظر: أحمد ابريهي علي ، تمويل عجز الموازنة العامة في العراق .. وتجدون رابط المصدر في نهاية المقال).
– لقد آن الأوان لأن تقوم “الدولة” العراقية بعملٍ جادٍّ لتنويع مصادر الدخل والناتج في الإقتصاد ، ودعم وتطوير(أو حتّى إعادة بناء)القطاع الخاص ، وتعزيز الشراكة بين الدولة وبين هذا القطاع .. وبسط سيطرة الدولة على حدودها البرية والبحرية ، ومنافذها الحدودية ، وطرقها الداخلية ، واملاكها العامة .. وعليها أيضاً أن تجدّد التزامها (أمام المجتمع الدولي) بالدفاع عن الحقوق الأساسية لمواطنيها ، وأن تفعل كلّ ما بوسعها لوقف الهدر والفوضى ، والحدّ من الفساد.
أخيراً .. نودّ التأكيد هنا على أنّ “تشخيص” صندوق النقد الدولي(وغيره من المنظمات الإقتصادية الدولية) لـ “المرض” الإقتصادي العراقي ليس خاطئاً على الإطلاق.. ولكنّ العيب (إن وُجِد) سيبقى كامناً في “الوصفات” التي مايزال أغلبها نمطيّاً ومُوَحّداً ، والتي مايزال الصندوق يرتكب من خلالها خطأه القاتل الرئيس ، وهو اعتقادهُ الراسخ بأنّ هذه “الراجيتات” تصلح لمعالجة جميع من يعانون من الأعراض ذاتها، بغضّ النظر عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء ظهورها(أو ظهور بعضها) على جسد المريض.
أمّا جعجعة “المُعارضين” لوضع “الترتيبات” التي تمّ “التفاهم” عليها مع الصندوق موضع التطبيق ، فلا طائل من وراءها ، ولا “طحين”.. وبالذات ما يتعلق منها بـ “إصلاح” أنظمة التشغيل والتقاعد ، وتحديد الرواتب والأجور والمخصصات ، لموظفّي الخدمة الحكومية العامّة ، وعلينا أن نعترف أنّ هذه “الأنظمة” و “القوانين” يشوبها الكثير من العيوب والفوضى والأخطاء.
إنّ هؤلاء “المُعارِضين” لن يجدوا دعماً من السياسيين ، الذين أتت الحكومة من تحت معاطفهم أصلاً ، والذين يعرفون “أجندتها” جيداً ، بل ويعرفونها أكثر من جميع هؤلاء المعارضين ، الذين يتكوّنون أساساً من مجموعات “نقابية” غير متجانسة ، ومتقاطعة المصالح ، تسعى أساساً لخدمة منافع مادية “وظيفيّة ومهنيّة” ضيّقة ، منحتها لهم دولة “المكرمات” (عندما كانت العائدات النفطية كريمة معها) .. وها هي أوّل من يسعى لإستعادتها منهم الآن.
الدكتور عماد عبداللطيف سالم
طلَبَةٌ و حِراكٌ وأسئلةٌ كثيرة
عماد عبداللطيف سالم
الطلبة الأعِزّاء.
لا أعرفُ حقّاً كيفَ أُجيبُ (شخصيّا) عن أسئلةٍ كهذه .. ولم أحصَلْ من أحَدٍ منكم ،على أجوبةً واضحةً و وافيةً ومُقنِعة ، عن الأسئلةِ التي سأطرحها عليكم في أدناه.
لذا فأنا ألتَمِسُ منكم ، بكُلِّ حرصٍ وصدقٍ ومحبّة ، الإجابةَ عليها.
كثيرون .. ومنهم أصدقاءٌ ، وأهلٌ ، واساتذةٌ .. ينتظرونَ منكم ذلك.
لا ينتظرونَ مُجرّد شِعارات ، وشتائمَ ، وتخوين ، وفنطازيا ثوريّة ، بل ينتظِرونَ ردّاً مُقنِعاً على تساؤلاتهم بصددِ إصراركم على عدم الدوام في الجامعات والمدارس.
قلتُ لهم أنّكُم الأمل ، والنهار القادم .. وأنّكُم قادرونَ على الإجابة .
إفعلوا ذلكَ .. من أجلكم ، ومن أجلِ الوطنِ الذي خرجتم إلى الساحات، وقَدَّمتُمْ فيها أرواحكم قرابينَ غاليةً من أجلِ أنْ تكونوا .. ويكون .
وهذهِ هي الأسئلة :
1- ماكو وطن .. ماكو دوام
أم ..
ماكو دوام .. ماكو وطن ؟
2- كم من الطلبة (وفي بغدادَ بالذات) ، يُشارِكونَ في الحِراكِ الحاليّ ..
وماهي نسبتهم من العدد الكُليّ للطلبةِ ، في كُلِ مدرسةٍ ، أو كُليّةٍ ، أو جامعة؟
3- كم من الطلبة ، لا صِلَةَ لهُ أبداً بساحاتِ الإحتجاج .. ولكّنهُ ، ومن بيتهِ ، وسريرهِ الدافيْ ، يدعو الطلبةَ الاخرين ، ومن خلالِ “الكَروبات” و “الكيبورد” ، للإضرابِ عن الدوام ؟
4- كم منهم ، لا يذهبُ إطلاقاً إلى “ساحات التحرير” .. ويأتي كُلّ يومٍ إلى الكُليّة ، ويبقى اليوم كلّهُ هناك .. ويسترخي في النادي .. ومع ذلك ، فهو يمنعُ بقيّة الطلبة ، من الدخولِ إلى قاعاتِ الدَرْس؟
5- هل كانت من بين المطالبِ الرئيسة للطلبة المُشارِكينَ في الإحتجاجاتِ الآن، مطالبَ من قبيل: ترصين العمليّة التربوية والتعليمية ، وتحسين جودة التعليم .. وهل سيُطالِبونَ لاحِقاً بإلغاء نظام “التحميل” ، وامتحانات الدور الثالث ، وإعادة العمل بإجراءات ترقين القيد(نهائيّا ، ودونَ إلغاءٍ لاحِق) ، والتأكيدِ على إصدار أوامر إداريّةٍ برسوب الطالبِ لعامٍ دراسيٍّ كامل (بسبب الغيابِ شبه الدائم عن مقاعد الدراسة) ، والإصرار على عدم إلغاء سنوات الرسوب ، وعدم القبول بأنْ يؤدّي الطالب إمتحانات الدور الثاني وهو راسِبٌ بأكثر من نصف المواد الدراسيّة المقرّرة ، والعودة إلى السماح للمُكملينَ ،بمادّتينِ فقط ، للمشاركةِ في هذهِ الإمتحانات؟
6- هل إحتَجّ الطلبةُ المُشارِكونَ في التظاهرات ، على رداءة المناهج الدراسية ، وتخلّف أساليب التعليم ، وعلى بدائيّة أنظمة الإمتحانات ، وعلى غياب استراتيجيّة واضحة للتربية والتعليم .. وعلى تأخير بدء العام الدراسي إلى منتصف شهر كانون الأوّل من كلّ عام (بدل بدايته في 1-9 من كُلّ عام) .. وعلى كثرة العطل الرسمية وغير الرسمية ، التي تذهبُ بنصف العام الدراسيّ دونَ جدوى .. وعلى كُلّ العوامل السلبيّة الأخرى ، التي تلتهم أعمارهم دونَ جدوى ، وتُضيّقُ عليهم سُبُلَ العَيْش ، وتقضِمُ مستقبلهم العلمي والمهني ، وتُحيلهُ إلى لا شيء؟
7- هل الإنقطاعُ الطويل والدائم عن الدوامِ ، وبما يُفضي إلى تقويض العام الدراسيّ ، وإلغاءه بالكامل ، سيُشَكِّلُ ضغطاً إضافيّاً على “النظام” السياسي القائم ، وبما يدفعهُ إلى تغيير سلوكهِ الخاص ، وتغييرِ سياساته العامّة ، إزاء كُلّ شيءٍ يُمارِسُ أخطائهُ الكارثيّةَ فيه(بما في ذلك العملية التربويّة والتعليميّةِ برمّتها) .. أم أنّهُ سيلتَفُّ على ذلكَ بمزيدٍ من “التحميل” ، وأمتحانات الدور الثالث ، وإلغاء سنوات الرسوب وترقين القيد المُتراكِمةِ ، وبما يدفع الطلبةَ للتهليل لها، ولَهُ، من جديد، أيّاً ما كانتْ أسبابها الموجِبة؟
8- ما الذي يمنع الطلبة من الإنتظامِ في الدوام من الساعةِ التاسعةِ صباحاً ، إلى الساعةِ الواحدةِ بعد الظُهر .. ثُمّ يذهبونَ بعد ذلكَ إلى ساحاتِ الإحتجاج ، ليُمارِسوا حقّهم المشروعَ في التظاهر السِلميّ ، من أجل أن يكونَ لهم “وطنٌ” أفضلُ بكثيرٍ من هذا الوطنِ “اللاوطن” الذي يعيشونَ فيهِ الآن ؟
هذهِ هي الأسئلة .. ليسَ كُلَّها .. ولكنها الأسئلةُ الرئيسة.
وأنتُم الأمل ، والنهار القادم .. وأنتُم المؤهّلونَ للردِّ أكثر من غيركم .. وأنتم وحدكم القادرونَ على الإجابة .
آخرُ شخصٍ ينطقُ إسمَكَ بعدكَ أنت – عماد عبد اللطيف سالم
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=638494
هذا ليسَ موتاً.
هذا غياب.
حينَ ينطِقُ آخرُ شخصٍ تعرفهُ إسمكَ ..
ستموت.
لذا ..
من الأفضلِ أن يكونَ آخر شخصٍ ينطقُ إسمَكَ
إمرأةً عذبةً
كان الكثيرُ يحبّونها
بما فيهم أنت
ولم تكُنْ هيَ ، تُحِبُّ أحداً ،
وبالذاتِ أنت .
سيكونُ الموتُ سعيداً حينها
لأنّها ستتذكّرُ قلبكَ المليءِ بنَمِشها الحُلو
بدلَ موتِكَ الأوّلِ المليء بالعويل
لأنّ قلبكَ الفارغ
قد توقف عن النبض.
سيكونُ آخرُ شخصٍ ينطقُ إسمكَ مُهِمّاً
فقد يكونُ ذلكَ شخصاً يكرهك بعُمق
لأنّهُ لم يشعر في موتكَ الأوّلِ
بمُتعةِ النصرِ على الأعداء.
ستكونُ محظوظاً لو أنّ أمّكَ هي آخرُ شخصٍ ينطقُ إسمَكَ
بعد موتِكَ السابق
حينها سيورقُ قلبكَ
كما لو أنّكَ قد عُدْتَ توّاً
الى ذلك العالم
الذي تركتَ أُمّكَ
وحيدةً فيه.
سيدة الحضور
عماد عبد اللطيف سالم
1 hr ·http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=637749
لا شيء لهُ معنى
،عندما نمشي معاً،
غيرَ أن نمشي معاً
إلى آخرِ هذا “الرمضان” العجيب
الذي طالَ جِدّاً
وليسَ ثمّةَ مائدةٍ في الأُفُق.
ولأنّنا في نهايةِ هذا العُمرِ العصيب
لن يكونَ لنا سوانا
فإنّ كلُّ ما يحتاجُ اليه
رجُلٌ يشبهني
هو أمرأةٌ تشبهكِ
يصومُ عليها أبدَ الدهرِ
ويمشي معها
ولو إلى آخر زاويةٍ في المَمَرِّ
ويضعُ إصبَعاً واحداَ ، خِلسةً ،
فوق واحدٍ من أصابعها العَشرةِ المُضيئة
ويموتُ من شدّةِ البهجةِ
قبل أذانِ “الفطور”.
من يُعينني على هذا الصيامِ الطويل
غيرُ هذا الحضورِ قصيرُ الأجَل؟
من يجعلُ الجَنّةَ” قريبةٌ هكذا
من رجُلٍ قضى كُلّ عمرهِ
وهو يُضيّعُ الفراديسَ النبيذةَ
فوق مائدةِ الوقتِ
غيرَ أن تكوني “رسولتهُ” العذبةُ
بفمها الباذخِ
“حتّى الينابيع” ؟.
لا أُريدَ عند هذا الغروبِ البطيء
أنْ تُعِدّي الطعامَ
لأيتامِ روحي.
إجْلسي أمامي فقط
وسيغفرُ اللهُ لي
ما تقدّمَ من ذنوبي
التي كنتِ غائبةً عنها
وما تأخّرَ منها
بسببِ وجهكِ الحُلو
الذي يجلسُ أمامي
في هذه اللحظة
و يجعلُ “شيطانَ” الخُذلانِ بعيداً
و قلبُكِ أقربُ لي
من جميع الملائكة.