مصر
فرعون من الهكسوس
#الحذر من #الإخراج من الأرض و #الخوف من ضياع الملك من سمات #الهكسوس و #آل_فرعون ||
رأينا سابقا كيف ان فرعون و هامان و قومهما إضطهدوا بني إسرائيل لما كانوا يحذرونهم من ضياع ملكهم على يد أحد أفراد بني إسرائيل ، و إخراجهم من الأرض التي إستوطنوها و هي أرض مصر
لذلك تكرر إدعاء فرعون و قومه بأن غرض موسى و أخيه أن يُذهب ملكهم و يخرجهم من الأرض
قال تعالى في قول فرعون :
﴿ يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون ﴾ الأعراف 110
﴿ أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى ﴾ طه 57
﴿ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾ الشعراء 35
﴿ قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إن هذا إلا مكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون ﴾ الأعراف 123
قال تعالى في قول سحرة فرعون :
﴿ قَالُوا إِنْ هَٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ ﴾ طه 63
قال تعالى في قول آل فرعون :
﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ ﴾ يونس 78
و هكذا كان الهكسوس العماليق في فترتهم الأخيرة في مصر على حذر دائم و توجس من الخروج من أرض مصر خاصة بعد أن جاءهم موسى بالرسالة و البينات ، و ألفاظ القرآن صريحة في الدلالة على ذلك ، أما التوراة فكانت واضحة أيضا حين وصفت خوف آل فرعون من انضمام بني إسرائيل لأعدائهم إذا قامت الحرب ، و كانوا يقصدون بالأعداء الملوك المصريين القبط الذين كانوا منفيين إلى طيبة في جنوب مصر و كانوا متربصين و مستعدين للإنقضاض على الهكسوس إذا وجدوا وقتا مناسبا يضعف فيه الهكسوس
تقول التوراة في سفر الخروج
” فقال لشعبه هوذا بنو إسرائيل شعب أكثر و أعظم منا ، هلم نحتال لهم لئلا ينموا في فيكون إذا حدثت حرب انهم ينضمون الى أعدائنا و يحاربوننا و يصعدون من الأرض ”
إن فرعون قد إعتبر الأرض التي احتلها هي أرضه و يرفض الخروج منها فهو في نفس الخندق الذي فيه بنو إسرائيل فهو أكبر أعضاء الأحلاف الهكسوسية و حاكمهم و الذي يتكلم بإسمهم ، و في حالة تحقيق كلام موسى عليه السلام و تلبية طلبه بالسماح لبني إسرائيل بالخروج من مصر لوجب عليه ان يخرج معهم هو و قومه و يعترف بزعامة موسى الدينية و يسلمه الزعامة الدنيوية أيضا .
أما في الآثار فلقد تبين من خلال “#ورقة_سالييه” و هي البردية المحفوظة الآن بفرنسا و سيأتي الكلام عنها في موضعه ، ان الأمير “أبو فيس” – و الذي لم يكن يوجد غيره وليا على أرض مصر بعد هلاك جيش فرعون و هامان و جنودهما – كان مايزال متوجسا من الخروج من ارض مصر و خاصة بعدما أصاب جنود أعظم قبيلتين من قبائل الهكسوس العماليق بغرقهم في واقعة الخروج و خاصة بعدما شعر بمحاولة المصريين القبط في طيبة من الإستعداد بتدريب و تجهيز الجيش و التسلح من جديد تحسبا للإنقضاض على الهكسوس في شمال مصر و استعادة الملك الضائع على كل بلادهم .
لذلك حاول “أبو فيس” امير الهكسوس بعد غرق فرعون ان يفرض سلطانه من جديد و إثبات وجوده و قوته كحاكم على ارض مصر هو و قومه فقام بتحدي ملك القبط المنفي في الجنوب و إسمه “سقنن رع ” – و هو والد الملك أحمس المعروف و المشهور بطرده للهكسوس – و الذي لم يكن سلطانه ممتدا إلا على إقليم طيبة فقط في الجنوب لكن تلك المحاولة من فرض السلطان و إثبات الوجود إنتهت بتغلب المصريين القبط على الهكسوس و طردهم نهائيا من مصر و إنهيار ملكهم و إمبراطوريتهم في كل بلاد الشرق التي كانوا قد بسطوا عليها نفوذهم ، و سيأتي الكلام عن هذه الواقعة في موضعه حين الحديث عن ورقة سالييه .
إذن فقد كان هذا التوجس من الخروج من الأرض ملازما لكل ملوك آل فرعون الهكسوس في سنواتهم الأخيرة و حتى بعد هلاك و غرق اكبر قبيلتين في التحالف فقد بقي الهكسوس على نفس التوجس و الخوف بل وازداد خوفهم اكثر و أكثر حين فقدوا جيوش اكبر قبائل التحالف و هم جنود فرعون و هامان .
و هذا يثبت أيضا ان آل فرعون من الهكسوس و يعد دليلا يضاف إلى جملة الأدلة .
– الدكتور أحمد سعد الدين _ فرعون ذو الأوتاد –
قال تعالى في سورة الشعراء :
﴿ فأخرجناهم من جنات و عيون * و كنوز و مقام كريم ﴾
أخرج فرعون و قومه ، و كلمة أخرجناهم تدل على أنهم غرباء و ليسوا أهل البلد ، فالذي يخرج هو الذي يدخل أي الغريب ، فكيف يمكن إخراج أهل بلد و تفريغه كاملا ؟
فبعد الخوف و الحذر من الإخراج جاء الإخراج و الطرد
و هذه الآية تدل على إخراج قوم فرعون من مصر و هو ما يتوافق مع طرد الهكسوس من مصر و إلا هل تم إخراج المصريين من بلدهم
و سنواصل تباعا مع الأدلة و الدلائل على أن فرعون موسى ليس مصريا بل من الهكسوس العماليق .
كيف بدأ #إضطهاد_بني_إسرائيل في مصر بعد أن كانوا سادة ||
و نستطيع أن نفهم ان وجود بني اسرائيل كقبيلة في تحالف الهكسوس الذي يحكم مصر لم يكن يمثل مشكلة و لم يكن ذلك مثارا لأي نوع من أنواع العداء بين بني إسرائيل و باقي قبائل العماليق الكنعانية من جهة أخرى فهم كانوا كغيرهم من الأقوام التي سكنت مصر و كانت جزء من نظامها الحاكم الذي ترأسه قبيلة أو قبيلتين من التحالف ، وقد كان ملوك أو رؤساء قبيلة بني إسرائيل أثناء إقامتهم في مصر هم يعقوب ثم يوسف ثم يهوذا بن يعقوب على التوالي
قال الطبري و ابن كثير أن يوسف حين أتته الوفاة : “أوصى إلى أخيه يهوذا ” ولا شك أن هذا النظام ظل متبعا حتى أصبح قارون ملكا عليهم قبيل عهد موسى لكن قارون بغى عليهم و ظلمهم و تحالف مع آل فرعون و هامان ، ثم أصبح موسى ملكهم قبل خروجهم من مصر
قال تعالى على لسان موسى بعد خروجهم من مصر
﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ ﴾ 20 سورة المائدة
و هذه الآية تدل على أن بني إسرائيل كانوا ملوكا على قبيلتهم أثناء إقامتهم المؤقتة في مصر و بعد خروجهم منها ، فما الذي تغير بعد أن كانوا قبيلة من قبائل تحالف الهكسوس العماليق في مصر ؟ و ما الذي جعلهم مضطهدين بعد أن كانوا سادة ؟
لقد ظل بنو يعقوب على دينهم معتنقين التوحيد و لم يحيدوا عنه ، ففي تاريخ الطبري : عن إبن إسحاق قال :
“قبض الله يوسف ، وهلك الملك الذي كان معه الريان بن الوليد ، و توارثت الفراعنة من العماليق ملك مصر ، فنشر الله بها بني إسرائيل ، و قبر يوسف حين قبض كما ذكر لي في صندوق من مرمر في ناحية من النيل في جوف الماء ، فلم يزل بنو إسرائيل تحت أيدي الفراعنة و هم على بقايا من دينهم مما كان يوسف و يعقوب و إسحاق و إبراهيم ، شرعوا فيهم من الإسلام متمسكين به ” – تاريخ الطبري –
لكن سرعان ما تغير هذا السلام و السكون و تغير الوضع بسرعة على بني إسرائيل الذين أصبحوا قبيلة ذات أفراد أكثر و فروع أكثر من ذي قبل خلال فترة إقامتهم في مصر ، فتملك ملك على مصر لم يكن يعرف لهم قدرا ولا لأنبيائهم مقاما ، و كان ملكا طاغية ظالما عُرف بقسوة القلب و الشدة و التجبر على كل رعيته و هذا الملك هو “فرعون”
يقول إبن إسحاق أيضا :
” حتى كان فرعون موسى الذي بعثه الله إليه ، و لم يكن منهم ملكا أعتى منه على الله ولا أعظم قولا ، ولا أطول عمرا في ملكه و لم يكن من الفراعنة من هو أشد غلظة ولا أقسى قلبا ولا أسوأ ملكة لبني إسرائيل منه فيعذبهم فيجعلهم خدما و خولا ، وصنفهم في أعماله ، فصنف يبنون و صنف يحرثون و صنف يزرعون له ، فهم في أعماله و من لم يكن منهم في صنعة له من عمله فعليه الجزية ، فسامهم كما قال الله تعالى سوء العذاب ، وفيهم مع ذلك بقايا من من أمر دينهم لا يريدون فراقه ”
و أما إبن إسحاق فإنه يذكر أن سبب الإضطهاد كان بسبب ما رآه منجموا فرعون و عرافوه و هو أقرب للمنطق و العقل و في ذلك يقول :
” و ذكر لي أنه لما تقارب زمان موسى أتى منجموا فرعون و حزاته إليه ، فقالوا : تعلم أنا نجد في علمنا أن مولودا من بني إسرائيل قد أظلك زمانه الذي يولد فيه ، يسلبك ملكك ، و يغلبك على سلطانك و يخرجك من أرضك ، و يبدل دينك ، فلما قالوا له ذلك أمر بقتل كل مولود يولد من بني إسرائيل من الغلمان و أمر بالنساء يستحين ، فجمع القوابل من نساء أهل مملكته ، فقال لهن : لا يسقطن على أيديكم غلام من بني إسرائيل إلا قتلتموه ، فكن يفعلن ذلك ، و كان يذبح من فوق ذلك من الغلمان و يأمر بالحبالى فيعذبن حتى يطرحن ما في بطونهم ” – تاريخ الطبري – رواية إبن إسحاق –
و هذا الكلام إنما يدل على أن الفترة بين وفاة يوسف و بين تولي فرعون لملك مصر موصولة لا إنقطاع فيها و هو من أكبر الأدلة على أن أحداث قصة يوسف و أحداث قصة موسى عليهما السلام مع فرعون كانت في نفس الفترة الزمنية و كانت معاصرة لنفس الأقوام التي كانت معاصرة لبني إسرائيل في مصر و هم العماليق الهكسوس و سيأتي في حينه الكلام عن تفصيل الأدلة على ذلك
كما يدل أيضا بشكل شديد الوضوح على أن فرعون قد إضطهد بني إسرائيل و قد بدأ يحذر من هلاك ملكه على أيديهم إما لخروج مولود منهم يقضي على سلطانه أو لرؤيا رآها أفزعته من انهيار ملكه على أيدي أحد أبنائهم أو لخشية أن يكثر عددهم فينضموا لأعدائهم و كلها أسباب محتملة ، قال الله تعالى :
﴿وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ {6}﴾ القصص
– الدكتور أحمد سعد الدين _ فرعون ذو الأوتاد –
﴿ قَالُوا إِنْ هَٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ ﴾ طه 63
قال تعالى في قول آل فرعون :
﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ ﴾ يونس 78
تقول التوراة في سفر الخروج
” فقال لشعبه هوذا بنو إسرائيل شعب أكثر و أعظم منا ، هلم نحتال لهم لئلا ينموا في فيكون إذا حدثت حرب انهم ينضمون الى أعدائنا و يحاربوننا و يصعدون من الأرض ”
لذلك حاول “أبو فيس” امير الهكسوس بعد غرق فرعون ان يفرض سلطانه من جديد و إثبات وجوده و قوته كحاكم على ارض مصر هو و قومه فقام بتحدي ملك القبط المنفي في الجنوب و إسمه “سقنن رع ” – و هو والد الملك أحمس المعروف و المشهور بطرده للهكسوس – و الذي لم يكن سلطانه ممتدا إلا على إقليم طيبة فقط في الجنوب لكن تلك المحاولة من فرض السلطان و إثبات الوجود إنتهت بتغلب المصريين القبط على الهكسوس و طردهم نهائيا من مصر و إنهيار ملكهم و إمبراطوريتهم في كل بلاد الشرق التي كانوا قد بسطوا عليها نفوذهم ، و سيأتي الكلام عن هذه الواقعة في موضعه حين الحديث عن ورقة سالييه .
و هذا يثبت أيضا ان آل فرعون من الهكسوس و يعد دليلا يضاف إلى جملة الأدلة .
﴿ فأخرجناهم من جنات و عيون * و كنوز و مقام كريم ﴾
أخرج فرعون و قومه ، و كلمة أخرجناهم تدل على أنهم غرباء و ليسوا أهل البلد ، فالذي يخرج هو الذي يدخل أي الغريب ، فكيف يمكن إخراج أهل بلد و تفريغه كاملا ؟
و هذه الآية تدل على إخراج قوم فرعون من مصر و هو ما يتوافق مع طرد الهكسوس من مصر و إلا هل تم إخراج المصريين من بلدهم
و سنواصل تباعا مع الأدلة و الدلائل على أن فرعون موسى ليس مصريا بل من الهكسوس العماليق .
و نستطيع أن نفهم ان وجود بني اسرائيل كقبيلة في تحالف الهكسوس الذي يحكم مصر لم يكن يمثل مشكلة و لم يكن ذلك مثارا لأي نوع من أنواع العداء بين بني إسرائيل و باقي قبائل العماليق الكنعانية من جهة أخرى فهم كانوا كغيرهم من الأقوام التي سكنت مصر و كانت جزء من نظامها الحاكم الذي ترأسه قبيلة أو قبيلتين من التحالف ، وقد كان ملوك أو رؤساء قبيلة بني إسرائيل أثناء إقامتهم في مصر هم يعقوب ثم يوسف ثم يهوذا بن يعقوب على التوالي
قال الطبري و ابن كثير أن يوسف حين أتته الوفاة : “أوصى إلى أخيه يهوذا ” ولا شك أن هذا النظام ظل متبعا حتى أصبح قارون ملكا عليهم قبيل عهد موسى لكن قارون بغى عليهم و ظلمهم و تحالف مع آل فرعون و هامان ، ثم أصبح موسى ملكهم قبل خروجهم من مصر
﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ ﴾ 20 سورة المائدة
و هذه الآية تدل على أن بني إسرائيل كانوا ملوكا على قبيلتهم أثناء إقامتهم المؤقتة في مصر و بعد خروجهم منها ، فما الذي تغير بعد أن كانوا قبيلة من قبائل تحالف الهكسوس العماليق في مصر ؟ و ما الذي جعلهم مضطهدين بعد أن كانوا سادة ؟
لقد ظل بنو يعقوب على دينهم معتنقين التوحيد و لم يحيدوا عنه ، ففي تاريخ الطبري : عن إبن إسحاق قال :
“قبض الله يوسف ، وهلك الملك الذي كان معه الريان بن الوليد ، و توارثت الفراعنة من العماليق ملك مصر ، فنشر الله بها بني إسرائيل ، و قبر يوسف حين قبض كما ذكر لي في صندوق من مرمر في ناحية من النيل في جوف الماء ، فلم يزل بنو إسرائيل تحت أيدي الفراعنة و هم على بقايا من دينهم مما كان يوسف و يعقوب و إسحاق و إبراهيم ، شرعوا فيهم من الإسلام متمسكين به ” – تاريخ الطبري –
يقول إبن إسحاق أيضا :
” حتى كان فرعون موسى الذي بعثه الله إليه ، و لم يكن منهم ملكا أعتى منه على الله ولا أعظم قولا ، ولا أطول عمرا في ملكه و لم يكن من الفراعنة من هو أشد غلظة ولا أقسى قلبا ولا أسوأ ملكة لبني إسرائيل منه فيعذبهم فيجعلهم خدما و خولا ، وصنفهم في أعماله ، فصنف يبنون و صنف يحرثون و صنف يزرعون له ، فهم في أعماله و من لم يكن منهم في صنعة له من عمله فعليه الجزية ، فسامهم كما قال الله تعالى سوء العذاب ، وفيهم مع ذلك بقايا من من أمر دينهم لا يريدون فراقه ”
” و ذكر لي أنه لما تقارب زمان موسى أتى منجموا فرعون و حزاته إليه ، فقالوا : تعلم أنا نجد في علمنا أن مولودا من بني إسرائيل قد أظلك زمانه الذي يولد فيه ، يسلبك ملكك ، و يغلبك على سلطانك و يخرجك من أرضك ، و يبدل دينك ، فلما قالوا له ذلك أمر بقتل كل مولود يولد من بني إسرائيل من الغلمان و أمر بالنساء يستحين ، فجمع القوابل من نساء أهل مملكته ، فقال لهن : لا يسقطن على أيديكم غلام من بني إسرائيل إلا قتلتموه ، فكن يفعلن ذلك ، و كان يذبح من فوق ذلك من الغلمان و يأمر بالحبالى فيعذبن حتى يطرحن ما في بطونهم ” – تاريخ الطبري – رواية إبن إسحاق –
كما يدل أيضا بشكل شديد الوضوح على أن فرعون قد إضطهد بني إسرائيل و قد بدأ يحذر من هلاك ملكه على أيديهم إما لخروج مولود منهم يقضي على سلطانه أو لرؤيا رآها أفزعته من انهيار ملكه على أيدي أحد أبنائهم أو لخشية أن يكثر عددهم فينضموا لأعدائهم و كلها أسباب محتملة ، قال الله تعالى :
﴿وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ {6}﴾ القصص
هذا اليوم


في هذا اليوم
1 نوفمبر: اليوم الوطني في الجزائر · عيد الاستقلال فيأنتيغوا وباربودا
- 1869 – افتتاح دار الأوبرا الخديويةفي مصر.
- 1945 – تأسيس منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة – يونسكو.
- 1954 – اندلاع الثورة الجزائريةوالتي أدت لاستقلال الجزائر.
- 1973 – شركات الطيران الأمريكية تلغي 160 رحلة يومية لمواجهة أزمة الوقود بسبب منع الدول العربية تصدير البترول لها نتيجة حرب أكتوبر.
- 2009 – المرشح لانتخابات الرئاسة الأفغانية عبد الله عبد الله (في الصورة) يقرر عدم المشاركة في الجولة النهائية منها وذلك على خلفية عدم تحقيق مطالبه بضمان انتخابات عادلة.
هكذا تم إسقاط نظام البعث 1963
من ذاكرة التاريخ: هكذا تم إسقاط نظام البعث 1963
حامد الحمداني
لم يكن حزب البعث يضم عنصر التجانس بين أعضائه، فقد كان أعضاءه وقيادييه ينتمون لطبقات مختلفة، قسم منهم من الطبقة البرجوازية، وقسم من البرجوازية الصغيرة، ونسبة قليلة من العمال والفلاحين والحرفيين ذوي الدخل المحدود، ووجود نسبة عالية من الطلاب الذين لا تتجاوز أعمارهم على الأغلب 20 عاماً بين صفوفهم، وعدم نضوج هؤلاء فكرياً وسياسياً وتنظيمياً.
وبسبب هذا التباين في التركيبة القومية والطائفية والطبقية، فقد كان من الطبيعي أن تكون هناك اختلافات في التطلعات والتوجهات والأفكار والعواطف، كما كان معظم ضباطهم الذين قادوا انقلاب 8 شباط ضد نظام عبد الكريم قاسم من الطائفة السنية، في حين كانت قيادتهم القطرية تضم خمسة من الشيعة، وثلاثة من الطائفة السنية، ويرجع معظم أعضاء البعث من المناطق الريفية المختلفة، وعدم نضوج هؤلاء فكرياً وسياسياً، وحتى قياديي الحزب كانوا من هذا الطراز، كما وصفهم مؤسس الحزب عندما قال:
{بعد الثورة ـ أي انقلاب 8 شباط ـ بدأت اشعر بالقلق من فرديتهم، وطريقتهم الطائشة في تصريف الأمور، واكتشفت أنهم ليسوا من عيار قيادة بلد، وشعب}.
لقد كان الحزب عبارة عن تجمع لعناصر معادية للشيوعية التي لا يجمعها أي رابط أيديولوجي، وكان جُل همهم منصباً على حربهم الشعواء ضد الشيوعية، وظهرت بينهم تكتلات أساسها المنطقة أو العشيرة أو الطائفية، وهكذا كانت التناقضات والخلافات تبرز شيئاً فشيئاً على سطح الأحداث، والتي كان من أهمها:
1 ـ الموقف من عبد السلام عارف:
ففي 11 شباط 1963، حدث بين قيادة البعث وعبد السلام عارف، الذي نصبوه رئيساً للجمهورية صِدامٌ مكشوف، مما دفع علي صالح السعدي، أمين سر القيادة القطرية للحزب، إلى أن يطرح موضوع بقاء عبد السلام عارف، أو إزاحته من منصبه، قائلاً:
{إن عبد السلام عارف سوف يثير لنا الكثير من المتاعب، وربما يكون خطر علينا، إلا أن أغلبية القيادة لم تأخذ برأي السعدي، خلال اجتماع القيادة الذي جرى في دار حازم جواد، وقد هدد السعدي بالاستقالة إذا لم تأخذ القيادة برأيه، لكنه عدل عن ذلك بعد قليل، وبعد نهاية الاجتماع ذهب حازم جواد إلى عبد السلام عارف وأخبره بما دار في الاجتماع، وحذره من أن السعدي ينوي قتله والتخلص منه}.
2 ـ الموقف من قانون الأحوال المدنية:
الخلاف الثاني الذي حدث بين أعضاء القيادة القطرية حينما طُرح موضوع قانون الأحوال المدنية رقم 188 لسنة 1959الذي شرعه عبد الكريم قاسم، والذي اعتُبر ثورة اجتماعية أنجزتها ثورة 14 تموز فيما يخص حقوق المرأة وحريتها، وإطلاق سراح نصف المجتمع العراقي الذي تمثله المرأة من عبودية الرجل، وكان القانون قد ساوى المرأة بالرجل في الإرث، ومنع تعدد الزوجات إلا في حالات خاصة وضرورية، ومنع ما يعرف بالقتل غسلاً للعار، وغيرها من الأمور الأخرى، وقام عبد السلام عارف بإلغاء القانون في 18 آذار 1963، أثناء وجود علي صالح السعدي في القاهرة، وانقسم مجلس قيادة الثورة ذو الأغلبية البعثية وأعضاء القيادة القطرية حول مسألة الإلغاء، حيث أيده بعض الأعضاء وعارضه البعض الآخر، وفي نهاية المطاف فرض عبد السلام عارف أجراء تعديلات جوهرية على نص القانون أفرغته من محتواه فيما يخص حقوق المرأة .
3 ـ الموقف من الحركات السياسية القومية:
كان الخلاف الثالث بين أعضاء قيادة البعث ينصب حول الموقف من الحركات السياسية القومية [القوميون، والناصريون، والحركيون]، وقد أجرت قيادة الحزب نقاشات حادة حول الموقف منهم، و برز خلال النقاش فكرتان متعارضتان، الأولى تدعو إلى تحجيم القوى القومية، والأخرى تدعو للتعاون معها، لكن القيادة البعثية لم تستطع حسم الأمر، بل على العكس من ذلك أدى الأمر إلى تعمق الخلافات والصراعات فيما بين أعضاء القيادة.
4 ـ الموقف من الحرس القومي:
في شهر حزيران 1963 ظهرت أسباب أخرى للخلافات بين أعضاء قيادة الحزب حول الحرس القومي، فقد وجهت القيادة العليا للقوات المسلحة في 4 تموز 1963 برقية إلى قيادة الحرس القومي تحذرها وتهددها بحل الحرس القومي إذا لم تتوقف هذه القوات عن الإجراءات المضرة بالأمن العام وراحة المواطنين.
كانت روائح الجرائم التي يقترفها الحرس القومي ضد أبناء الشعب بشكل عام والشيوعيين منهم بوجه خاص قد أزكمت الأنوف، وضجت الجماهير الواسعة من الشعب من تصرفاتهم وإجرامهم.
إلا أن القائد العام لقوات الحرس القومي [منذر الونداوي] لم يكد يتسلم البرقية حتى أسرع إلى الطلب من القيادة العليا للقوات المسلحة سحب وإلغاء البرقية المذكورة في موقف يبدو منه التحدي، مدعياً أن الحرس القومي قوة شعبية ذات قيادة مستقلة، وأن الحق في إصدار أوامر من هذا النوع لا يعود إلى أي شخص كان، بل إلى السلطة المعتمدة شعبياً والتي هي في ظل ظروف الثورة الراهنة هي المجلس الوطني لقيادة الثورة ولا أحد غيره، وهكذا وصل التناقض والخلاف بين البعثيين وضباط الجيش، وعلى رأسهم عبد السلام عارف، إلى مرحلة عالية من التوتر، مما جعل عبد السلام عارف يصمم على قلب سلطة البعثيين بأسرع وقت ممكن.
5- الحرب في كردستان:
جاء تجدد الحرب في كردستان التي بدأها البعثيون في 10 حزيران1963 لتزيد وضعهم صعوبة، وتعمق الخلافات بينهم حتى أصبح حزب البعث في وضع لا يحسد عليه، فقد تألبت كل القوى السياسية والعسكرية ضدهم، وسئمت أعمالهم وتصرفاتهم .
حاول عبد السلام عارف، وأحمد حسن البكر، بالتعاون مع حازم جواد وطالب شبيب التخلص من علي صالح السعدي، وإخراجه من الحكومة، ومجلس قيادة الثورة، إلا أن الظروف لم تكن مؤاتية لمثل هذا العمل في ذلك الوقت.
ففي 13 أيلول عُقد المؤتمر القطري للحزب، وجرى فيه انتخاب ثلاث أعضاء جدد من مؤيدي علي صالح السعدي، وهم كل من: هاني الفكيكي، وحمدي عبد المجيد، ومحسن الشيخ راضي، فيما أُسقط طالب شبيب في الانتخابات، وبقي حازم جواد، كما فاز أحمد حسن البكر، وصالح مهدي عماش، وكريم شنتاف بتلك الانتخابات.
وهكذا بدا الانقسام ظاهراً أكثر فأكثر فجماعة السعدي تتهم جماعة حازم جواد باليمينية، بينما تتهم جماعة حازم جواد السعدي وجماعته باليسارية، ووصل الأمر بعلي صالح السعدي إلى الإدعاء بالماركسية، وحاول أن يبرئ نفسه من دماء آلاف الشيوعيين!.
وفي الفترة ما بين 5ـ23 تشرين الأول، عُقد المؤتمر القومي لحزب البعث، في دمشق، وجرى تعاون بين السعدي وحمود الشوفي، حيث ضمنا لهما أكثرية من أصوات المؤتمرين العراقيين، والسوريين، وسيطرا على المؤتمر وقراراته، وبلغ بهم الحال أن شنوا هجوماً عنيفاً على جناح مؤسس الحزب [ميشيل عفلق] وطرحوا أفكاراً راديكالية فيما يخص التخطيط الاشتراكي، وحول المزارع التعاونية للفلاحين.
ضاقت الدنيا بميشيل عفلق، حيث لم يتحمل الانقلاب الذي أحدثته كتلة [السعدي و الشوفي] داخل المؤتمر في تركيبة القيادة القومية مما افقده القدرة على التأثير في مجرى الأحداث وجعلته يصرح علناً [هذا لم يعد حزبي].
الخلافات بين الجناحين المدني والعسكري
بعد أن قوي مركز علي صالح داخل القيادتين القطرية والقومية و بدأ هو وكتلته يطرحون أفكاراً راديكالية، وتحولا نحو اليسار، بدأ الضباط البعثيون يشعرون بعدم الرضا من اتجاهات السعدي وكتلته، و أخذت مواقفهم تتباعد شيئاً فشيئاً عن مواقفه، وانقسم تبعاً لذلك الجناح المدني للحزب، فقد وقف منذر الونداوي وحمدي عبد المجيد ومحسن الشيخ راضي، بالإضافة إلى الحرس القومي، واتحاد العمال، واتحاد الطلاب، إلى جانب السعدي، فيما وقف حازم جواد، وطالب شبيب، ورئيس أركان الجيش وطاهر يحيى، وقائد القوة الجوية حردان عبد الغفار التكريتي، ووزير المواصلات عبد الستار عبد اللطيف، وقائد كتيبة الدبابات الثالثة محمد المهداوي إلى الجانب المعارض لجناح السعدي، بينما وقف أحمد حسن البكر، وصالح مهدي عماش على الحياد، لكن السعدي أتهمهما بأنهما يدفعان الحزب نحو اليمين، و يؤيدان معارضيه في الخفاء.
ثالثاً:الصراع بين البعث والضباط القوميين والناصريين والحركيين:
كان أحد العوامل الرئيسية للصراع داخل قيادة حزب البعث هو الموقف من القوى القومية والناصرية والحركية، فقد انقسمت القيادة القطرية في مواقفها إلى كتلتين، فكتلة حازم جواد وطالب شبيب كانت تطالب بقيام جبهة واسعة تضم حزب البعث وكل الفئات القومية والناصرية والحركية، فيما كانت كتلة السعدي تعارض هذا التوجه، وقد أدى ذلك إلى تأزم الموقف، واشتداد الصراع بين الجناحين وتصاعده حتى وصل الأمر إلى الموقف من السعدي نفسه عندما حاول جناح [ جواد و شبيب] إزاحة السعدي متهمين إياه بالتهور والتطرف، وتعاون احمد حسن البكر مع عبد السلام عارف على إزاحته، فكانت البداية قد تمثلت بإجراء تعديل وزاري في 11 أيار 1963، جرى بموجبه إعفاء السعدي من منصب وزير الداخلية وتعيينه وزيراً للإرشاد، فيما جرى تعيين غريمه حازم جواد مكانه وزيراً للداخلية.
كان ذلك الإجراء أول ضربة توجه إلى قيادة السعدي، ثم تطور الأمر إلى محاولة إخراجه من الوزارة ومجلس قيادة الثورة، والسيطرة على الحرس القومي الذي يقوده منذر الونداوي، والذي يعتمد عليه السعدي اعتماداً كلياً.
عبد السلام عارف يعفي الونداوي من قيادة الحرس والونداوي يرفض
في 1 تشرين الثاني صدر مرسوم جمهوري يقضي بإعفاء منذر الونداوي من قيادة الحرس القومي، وتعيين عبد الستار عبد اللطيف بدلاً عنه، غير أن الونداوي تحدى المرسوم، وأصرّ على البقاء في منصبه، في قيادة الحرس القومي، وقد أدى ذلك إلى تعقد الموقف، وتصاعد حمى الصراع الذي تفجر بعد عشرة أيام.
ففي11 تشرين الثاني عُقد مؤتمر قطري استثنائي لانتخاب ثمانية أعضاء جدد للقيادة القطرية لكي يصبح العدد 16 عضواً بموجب النظام الداخلي الذي تبناه المؤتمر القومي السادس [المادة 38 المعدلة من النظام الداخلي].
غير أن المؤتمر لم يكد يباشر بإجراء الانتخاب حتى داهم 15 ضابطاً مسلحاً قاعة الاجتماع بقيادة العقيد [محمد المهداوي] الذي بدأ يتحدث أمام المؤتمرين قائلاً :
{لقد اخبرني الرفيق ميشيل عفلق، فيلسوف الحزب، أن عصابة استبدت بالحزب في العراق، ومثلها في سوريا، وأن العصابتين وضعتا رأسيهما معاً، وسيطرتا على المؤتمر القومي السادس، ولذلك يجب القضاء عليهما}.
كما هاجم المهداوي قرارات المؤتمر القومي السادس واصفاً إياه بمؤامرة ضد الحزب، وطالب بانتخاب قيادة قطرية جديدة تحت تهديد أسلحة الضباط المرافقين له.
تظاهر المؤتمر باختيار قيادة جديدة، واشترك الضباط بالتصويت،علماً بان بعضهم لم يكن بعثياً على الإطلاق، وجاء على رأس القيادة الجديدة [حازم جواد] بالإضافة إلى فوز أنصاره.
غير أن المهزلة لم تنتهِ إلى هذا الحد، بل أسرع الضباط إلى اعتقال [علي صالح السعدي] و[محسن الشيخ راضي] و[حمدي عبد المجيد] و[هاني الفكيكي] و[أبو طالب الهاشمي] الذي كان يشغل منصب نائب القائد العام للحرس القومي، وجرى تسفير الجميع على متن طائرة عسكرية إلى مدريد.
امتداد الصراع إلى الشارع
أنفجر الوضع المتأزم في ذلك اليوم، وامتد الصراع إلى الشارع، ففي صباح يوم 13 تشرين الثاني اندفعت أعداد غفيرة من مؤيدي علي صالح السعدي ومن الحرس القومي إلى شوارع بغداد، وأقاموا الحواجز في الطرق، واحتلوا مكاتب البريد والبرق والهاتف ودار الإذاعة، وهاجموا مراكز الشرطة واستولوا على الأسلحة فيها.
وفي الوقت نفسه أسرع منذر الونداوي إلى قاعدة الرشيد الجوية ومعه طيار آخر، وامتطيا طائرتين حربيتين، وقاما بقصف القاعدة المذكورة، ودمرا [5 طائرات] كانت جاثمة فيها.
وفي الساعة الحادية عشرة من صباح ذلك اليوم أذاع [صالح مهدي عماش] وزير الدفاع بياناً من دار الإذاعة حذر فيه [أحمد حسن البكر] من أن هناك محاولة لجعل البعثيين يقتلون بعضهم بعضاً، وهذا ما لا يفيد إلا أعداء الحزب، كما وجه نداءاً للعودة إلى العلاقات الرفاقية، وإلى التفاهم والأخوة.
وفي تلك الأثناء فرضت قوات الحرس القومي سيطرتها على أغلب مناطق بغداد، ورفض البكر وعماش إعطاء الأمر إلى الجيش بالتدخل وأصبحت قيادة فرع بغداد للحزب هي التي تقود الحزب في تلك اللحظات الحرجة من تاريخ حكم البعث، وطالبت تلك القيادة بإعادة السعدي ورفاقه إلى العراق، وممارسة مهامهم الحزبية والرسمية،غير أنها لم تفلح في ذلك، واضطرت إلى الموافقة على إحالة القضية إلى القيادة القومية لتبت فيها.
عفلق وأمين الحافظ في بغداد لمحاولة حسم الصراع:
وفي مساء ذلك اليوم الثالث عشر من تشرين الثاني، وصل إلى بغداد مؤسس الحزب[ميشيل عفلق] والرئيس السوري [أمين الحافظ] بالإضافة إلى عدد آخر من أعضاء القيادة القومية للحزب.
غير أن عبد السلام عارف تجاهل وصولهما، ولم يجر لهما استقبالاً رسمياً كما يقتضي البروتوكول والعرف الدبلوماسي، كما لم يحاول الالتقاء بالوفد، مما جعل الوفد يحس أن هناك جو غير طبيعي في بغداد، وأن لابد من أن يكون هناك أمراً يدبر ضد حكم البعث.
حاول ميشيل عفلق ورفاقه في الوفد التصرف بشؤون العراق، فقد أصدروا قراراً بنفي [حازم جواد] وزير الداخلية، و[طالب شبيب] وزير الخارجية متهمين إياهما بأنهما أساس الفتنة، كما أصدر الوفد قراراً آخر بحل القيادة القطرية التي جرى انتخابها تحت تهديد الضباط الخمسة عشرة، وكذلك القيادة القطرية السابقة التي كان يقودها علي صالح السعدي، وأعلن عن تسلم القيادة القومية للمسؤولية لحين انتخاب قيادة قطرية جديدة.
هكذا إذاً كان تصرف عفلق والوفد الموافق له، تجاهلاً لعبد السلام عارف بصفته رئيساً للجمهورية، وتجاهلا لسيادة واستقلال العراق، والتدخل الفض في شؤونه الداخلية، حيث وصل الأمر إلى أن يعين عفلق أعضاء في الحكومة ويقيل أعضاءً آخرين، وقد أدى تصرفه هذا إلى استياء الضباط العراقيين الممسكين بزمام الجيش.
كما أن الرابطة التي كانت تجمع الضباط البعثيين بالقيادة المدنية قد تفككت، ودبت الخلافات العميقة بينهم، وسارع الجناح المدني في الحزب يتحدى من اسماهم أعداء الحزب، ودعا اتحاد العمال الذي يسيطر عليه الحزب إلى سحق رؤوس البرجوازيين الذين خانوا الحزب، وإعدام أصحاب رؤوس الأموال الذين هربوا أموالهم إلى الخارج.
كما دعوا إلى تأميم كافة المشاريع الصناعية في البلاد، وكانت تلك الاندفاعات لجناح الحزب المدني كلها تصب في خانة عبد السلام عارف الذي صمم على إزاحة حزب البعث عن السلطة، وأحكام قبضته على شؤون البلاد دون منازع أو شريك.
رابعاً: انقلاب عبد السلام عارف ضد البعث
بعد أن وصلت حالة الحزب إلى أقصى درجات التمزق والتناحر، وبعد أن عمت الفوضى أرجاء البلاد، وبلغ استياء ضباط الجيش الممسكين بالمراكز القيادية في الجهاز العسكري من تصرف القيادة البعثية مداه، قرر عبد السلام عارف بالتعاون مع تلك العناصر العسكرية توجيه ضربته القاضية لحكم البعث، وإنهاء سيطرتهم على مقدرات البلاد، فقد استغل عبد السلام تلك الظروف البالغة الصعوبة التي مرّ بها حزب البعث وبالتنسيق مع عدد من أولئك الضباط وكان من بينهم :
1- الزعيم عبد الرحمن عارف قائد الفرقة الخامسة- شقيق عبد السلام.
2 – الزعيم الركن عبد الكريم فرحان، قائد الفرقة الأولى.
3 – العقيد سعيد صليبي، آمر الانضباط العسكري.
4 – الزعيم الركن الطيار حردان التكريتي، قائد القوة الجوية [ بعثي].
5 – اللواء الركن طاهر يحيى، رئيس أركان الجيش.
هذا بالإضافة إلى العديد من الضباط الآخرين ذوي الميول القومية.
وفي فجر يوم 18 تشرين الثاني 1963 ، قامت طائرات عسكرية بقصف مقر القيادة العامة للحرس القومي في الأعظمية، ثم تقدمت الدبابات، والمصفحات لتستولي على كافة المرافق العامة في بغداد، ومقرات الحرس القومي.
وحاول البعثيون مقاومة الانقلاب في بادئ الأمر، إلا أن الأمر كان قد حسم في نهاية النهار، فلم يكن باستطاعة الحرس القومي، وهو يحمل الأسلحة الخفيفة أن يقاوم الدبابات والمصفحات والصواريخ والطائرات، وسارع أفراد الحرس إلى إلقاء سلاحهم، والتخلص منه، برميه في الحقول والمزارع والمزابل بعد أن هددهم النظام العارفي الجديد بإنزال العقاب الصارم بهم إن هم استمروا على حمل السلاح أو إخفائه، وأجرى الجيش مداهمات لدور أفراد الحرس القومي بحثاً عن السلاح.
كما جرى إلقاء القبض على أعداد كبيرة من البعثيين لفترة محدودة من الزمن، حيث تمكن الجيش من إحكام سيطرته على البلاد، وأخذ النظام فيما بعد يطلق سراح البعثيين المعتقلين في حين بقي السجناء والموقوفين الشيوعيين والديمقراطيين في السجون، وجرى تنفيذ أحكام بالإعدام، كانت قد أصدرتها المحاكم العرفية على عهد البعثيين، بعد تسلم عبد السلام عارف زمام الأمور في البلاد، فقد كان العداء للشيوعية هو الجامع الذي جمع البعثيين والقوميين دون استثناء، ربما شيء واحد قد تغير، هو تخفيف حملات التعذيب أثناء التحقيقات مع المعتقلين، واستمرت المحاكم العرفية تطحن بالوطنيين طيلة عهد عارف.
عبد السلام عارف يحكم سيطرته على البلاد
في مساء يوم الثامن عشر من تشرين الثاني 963 ، تلاشت مقاومة حزب البعث وحرسه القومي في أنحاء البلاد، وتم لعبد السلام عارف وقادته العسكريين السيطرة التامة على البلاد، وبدأ على الفور بترتيب البيت، مانحاً نفسه صلاحيات استثنائية واسعة لمدة سنة، تتجدد تلقائياً، إذا اقتضى الأمر ذلك، وعمد عبد السلام إلى الاعتماد على الروابط العشائرية، وخاصة عشيرة [الجميلات]، فقد عين شقيقه [عبد الرحمن عارف] وكيلاً لرئيس أركان الجيش، رغم كونه ليس ضابط أركان. كما عين صديقه، وأبن عشيرته [سعيد صليبي] قائداً لحامية بغداد، فيما أعلن عارف نفسه قائداً عاماً للقوات المسلحة، ورئيساً لمجلس قيادة الثورة.
كما جاء عارف باللواء العشرين الذي كان يقود أحد أفواجه عند قيام ثورة 14 تموز، واتخذ منه الحرس الجمهوري الخاص به، واعتمد على العناصر المؤيدة له فيه من عشيرة الجميلات وغيرها من عشائر محافظة الأنبار.
بدأ عبد السلام عارف حكمه معتمداً على ائتلاف عسكري ضم الضباط القوميين والناصريين، والضباط البعثيين الذين انقلبوا على سلطة البعث فقد عيّن [طاهر يحيى] رئيساً للوزراء، و[حردان التكريتي] نائباً للقائد العام للقوات المسلحة، ووزيراً للدفاع، فيما عيّن [أحمد حسن البكر] نائباً لرئيس الجمهورية، والزعيم [رشيد مصلح ] وزيراً للداخلية، وحاكماً عسكرياً عاماً، ويلاحظ أن هؤلاء جميعاً من تكريت، ومن العناصر البعثية، أما العناصر القومية التي شاركت في الحكم فكان على رأسها الزعيم الركن [محمد مجيد] مدير التخطيط العسكري، والزعيم الركن [عبد الكريم فرحان] الذي عيين وزيراً للإرشاد، و[عارف عبد الرزاق] الذي عيين قائداً للقوة الجوية، والعقيد الركن [هادي خماس] الذي عيّن مديرا لجهاز الاستخبارات العسكرية، والمقدم [صبحي عبد الحميد] الذي عيين وزيراً للخارجية.
عبد السلام عارف يبعد العناصر البعثية عن الحكم:
رغم تعاون الضباط البعثيين مع عبد السلام عارف في انقلاب 18 تشرين الثاني 963 ضد قيادتهم المدنية، واشتراكهم في حكومته الانقلابية، إلا أن عارف لم يكن يطمأن لوجودهم في السلطة، ولم يكن إشراكهم في الحكم من قبله سوى كونه عمل تكتيكي من أجل نجاح انقلابه ضد سلطة البعث وتثبيت حكمه، لكنه كان في نفس الوقت يتحين الفرصة للتخلص منهم، وقد ساعده في ذلك الكره الشعبي الواسع النطاق للحكام البعثيين بسبب ما اقترفوه من جرائم بحق الوطنيين طيلة فترة حكمهم التي دامت تسعةاشهر، وهكذا بعد أن تسنى لعارف تثبيت أركان حكمه، بدأ بتوجيه الضربات للعناصر البعثية تلك.
ففي 4 كانون الأول 964 ،أعفى عارف المقدم [عبد الستار عبد اللطيف] من وزارة المواصلات، وفي 16 منه أزاح عارف [حردان التكريتي] من منصبه كقائد للقوة الجوية، وفي 4 كانون الثاني 64 ألغي عارف منصب نائب رئيس الجمهورية وتخلص من [احمد حسن البكر] الذي كان يشغل المنصب، وعينه سفيراً بديوان وزارة الخارجية. (7)
وفي 2 آذار 964، أعفى عارف [حردان التكريتي] من منصب وزير الدفاع وعين محله طاهر يحيى بالإضافة إلى منصبه كرئيس للوزراء، ولم يبقَ إلا رشيد مصلح التكريتي وزير الداخلية والحاكم العسكري العام الذي ربط مصيره بمصير عارف، مهاجماً أعمال البعثيين وجرائمهم، وبذلك أصبح عبد السلام عارف الحاكم المطلق في البلاد، وبرز الناصريون في مقدمة النظام، وبدأ النظام يقلد الجمهورية العربية المتحدة في أساليبها وخططها التنموية، حيث أقدمت الحكومة على تأميم المصارف، وشركات التأمين، و 32 مؤسسة صناعية وتجارية كبيرة، وخصصت الدولة 25% من الأرباح للعمال والموظفين العاملين فيها، وقررت تمثيلهم في مجالس الإدارة.
كما أقدم النظام الجديد على تشكيل الاتحاد الاشتراكي العربي في 14 تموز 964، على غرار الاتحاد الاشتراكي في الجمهورية العربية المتحدة، ودُعيت القوى السياسية في البلاد إلى الانضواء تحت راية هذا الاتحاد، وقد استهوى هذا الإجراء وتلك التحولات الاقتصادية جانباً من قيادة الحزب الشيوعي، حيث برزت دعوة لحل الحزب والانضمام إلى الاتحاد المذكور، لكن هذا الاتجاه لم ينجح في جر الحزب إليه، بعد أن وقفت العناصر الحريصة على مصلحة الحزب ضد دعوة الحل والانضمام للاتحاد الاشتراكي .
حامد الحمداني
اصل الكشري
-
كشري: أول من ذكره في التاريخ المُدوّن هو الرحالة المعروف ابن بطوطة (ت 1377 م) في كتابه تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار ..ففى وصف الهند قال عنه :
“يطبخون المنج مع الأرز ويأكلونه بالسمن ويسمونه كشري (بالكاف والشين المعجم والراء) وعليه يفطرون في كل يوم.”
وكلمة كشرى مشتقه من اللغة السنسكريتية وتعنى ارز مع اشياء أخرى، فمن الواضح ان اصل الكلمة والاكلة بالأساس هندي، ثم انتقلت الى العراق ومن العراق الى الشام و من الشام الى مصر وطريقة عمل الكشري يختلف من بلد إلى بلد ، ولعل اشهرها هو الكشري المصري.
حدث في مثل هذا اليوم
أحداث اليوم (22 يونيو) |
---|
22 يونيو: يوم المعلم في السلفادور
|