نزار
نزار قباني
ماذا اقول له – نجاة الصغيرة
الفنان السوري نزار علي بدر
ايظن
رسالة الى عبد الناصر
رسالة من نزار قباني إلى جمال عبد الناصر
سيادة الرئيس جمال عبد الناصر:
في هذه الأيام التي أصبحت فيها أعصابنا رمادا، وطوقتنا الأحزان من كل مكان، يكتب إليك شاعر عربي يتعرض اليوم من قبل السلطات الرسمية في الجمهورية العربية المتحدة لنوع من الظلم لا مثيل له في تاريخ الظلم.
وتفصيل القصة أنني نشرت في أعقاب نكسة الخامس من حزيران قصيدة عنوانها »هوامش على دفتر النكسة« أودعتها خلاصة ألمي وتمزقي، وكشفت فيها عن مناطق الوجع في جسد أمتي العربية، لاقتناعي أن ما انتهينا إليه لا يعالج بالتواري والهروب، وإنما بالمواجهة الكاملة لعيوبنا وسيئاتنا، وإذا كانت صرختي حادة وجارحة، وأنا أعترف سلفا بأنها كذلك، فلأن الصرخة تكون بحجم الطعنة، ولأن النزيف بمساحة الجرح.
من منا يا سيادة الرئيس لم يصرخ بعد 5 حزيران؟
من منا لم يخدش بأظافره؟
من منا لم يكره نفسه وثيابه وظله على الأرض؟
إن قصيدتي كانت محاولة لإعادة تقديم أنفسنا كما نحن، بعيدا عن التبجح والمغالاة والانفعال، وبالتالي؛ كانت محاولة لبناء فكر عربي جديد يختلف بملامحه وتكوينه عن ملامح فكر ما قبل 5 حزيران.
إنني لم أقل أكثر مما قاله غيري، ولم أغضب أكثر مما غضب غيري، وكل ما فعلته أنني صغت بأسلوب شعري ما صاغه غيري بأسلوب سياسي أو صحفي.
وإذا سمحت لي يا سيادة الرئيس أن أكون أكثر وضوحا وصراحة، قلت إني لم أتجاوز أفكارك في النقد الذاتي، يوم وقفت بعد النكسة تكشف بشرف وأمانة حساب المعركة، وتعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله.
إني لم أخترع شيئا من عندي، فأخطاء العرب النفسية والسياسية والسلوكية مكشوفة كالكتاب المفتوح.
وماذا تكون قيمة الأدب يوم يجبن عن مواجهة الحياة بوجهها الأبيض ووجهها الأسود معا؟ ومن يكون الشاعر يوم يتحول إلى مهرج يمسح أذيال المجتمع وينافق له: لذلك أوجعني يا سيادة الرئيس أن تمنع قصيدتي من دخول مصر، وأن يفرض حصار رسمي على اسمي وشعري في إذاعة الجمهورية العربية المتحدة وصحافتها. والقضية ليست قضية مصادرة قصيدة أو مصادرة شاعر. لكن القضية أعمق وأبعد.
القضية هي أن نحدد موقفنا من الفكر العربي. كيف نريده؟ حرا أم نصف حر؟ شجاعا أم جبانا؟ نبيا أم مهرجا؟
القضية هي أن يسقط أي شاعر تحت حوافر الفكر الغوغائي لأنه تفوه بالحقيقة.
والقضية أخيرا هي ما إذا كان تاريخ 5 حزيران سيكون تاريخا نولد فيه من جديد، بجلود جديدة، وأفكار جديدة، ومنطق جديد.
قصيدتي أمامك يا سيادة الرئيس، أرجو أن تقرأها بكل ما عرفناه عنك من سعة أفق وبعد رؤية، ولسوف تقتنع، برغم ملوحة الكلمات ومرارتها، بأني كنت أنقل عن الواقع بأمانة وصدق، وارسم صورة طبق الأصل لوجوهنا الشاحبة والمرهقة.
لم يكن بإمكاني وبلادي تحترق، الوقوف على الحياد، فحياد الأدب موت له.
لم يكن بوسعي أن أقف أمام جسد أمتي المريض، أعالجه بالأدعية والحجابات والصراعات. فالذي يحب أمته، يا سيادة الرئيس، يطهر جراحها بالكحول، ويكوي – إذا لزم الأمر – المناطق المصابة بالنار.
سيادة الرئيس: إنني أشكو لك الموقف العدائي الذي تقفه مني السلطات الرسمية في مصر، متأثرة بأقوال بعض مرتزقة الكلمة والمتاجرين بها. وأنا لا أطلب شيئا أكثر من سماع صوتي. فمن أبسط قواعد العدالة أن يسمح للكاتب أن يفسر ما كتبه، وللمصلوب أن يسأل عن سبب صلبه.
لا أطالب يا سيادة الرئيس إلا بحرية الحوار، فأنا اشتم في مصر، ولا أحد يعرف لماذا اشتم، وأنا أطعن بوطنيتي وكرامتي لأني كتبت قصيدة، ولا أحد قرأ حرفا من هذه القصيدة.
لقد دخلت قصيدتي كل مدينة عربية، وأثارت جدلا بين المثقفين العرب إيجابا وسلبا، فلماذا أحرم من هذا الحق في مصر وحدها؟ ومتى كانت مصر تغلق أبوابها في وجه الكلمة وتضيق بها؟.
سيدي الرئيس..
لا أريد أن أصدق أن مثلك يعاقب النازف على نزيفه، والمجروح على جراحه، ويسمح باضطهاد شاعر عربي أراد ان يكون شريفا وشجاعا في مواجهة نفسه وأمته، فدفع ثمن صدقه وشجاعته.
يا سيدي الرئيس
لا أصدق أن يحدث هذا في عصرك.
بيروت في 30 تشرين الأول (أكتوبر) 1967 – نزار قباني
صدر عبد الناصر بعدها مايلي :
1- لم أقرأ قصيدة نزار قباني إلا في النسخة التي أرسلها إلى، وأنا لا أجد أي وجه من وجوه الاعتراض عليها.
2- تلغى كل التدابير التي قد تكون اتخذت خطأ بحق الشاعر ومؤلفاته، ويطلب إلى وزارة الإعلام السماح بتداول القصيدة.
3- يدخل الشاعر نزار قباني إلى الجمهورية العربية المتحدة متى أراد، ويكرم فيها كما كان في السابق.
التوقيع
جمال عبد الناصر
بعد رحيل عبد الناصر علّق نزار قباني
“أجد أن الأمانة التاريخية تقتضي أن أسجل للرئيس الراحل جمال عبد الناصر موقفا لا يقفه عادة إلا عظماء النفوس، واللماحون، والموهوبون، الذين انكشفت بصيرتهم، وشفت رؤيتهم، فارتفعوا بقيادتهم وتصرفاتهم إلى أعلى مراتب الإنسانية والسمو الروحي.
فلقد وقف الرئيس عبد الناصر إلى جانبي، يوم كانت الدنيا ترعد وتمطر على قصيدتي “هوامش على دفتر النكسة”، وكسر الحصار الرسمي الذي كان يحاول أن يعزلني عن مصر بتحريض وإيحاء من بعض الزملاء الذين كانوا غير سعداء لاتساع قاعدتي الشعبية في مصر، فرأوا أن أفضل طريقة لإيقاف مدي الشعري، وقطع جسوري مع شعب مصر، هي استعداء السلطة علي، حتى أن أحدهم طالب وزارة الإعلام بمقال نشره في إحدى المجلات بحرق كتبي، والامتناع عن إذاعة قصائدي المغناة، ووضع اسمي على قائمة الممنوعين من دخول مصر. “
من روائع نزار قباني
“سامحُونا ..
إن تجمَّعنا كأغنامٍ على ظهر السفينَهْ ..
وتشرّدنا على كل المحيطات سنيناً .. وسنينا ..
لم نجد ما بين تُجَّار العَرَبْ ..
تاجراً يقبلُ أن يعلفَنا .. أو يشترينا ..
لم نجدْ بين جميلات العَرَبْ ..
مَرْأَةً تقبلُ أن تعشقَنا .. أو تَفتَدينا
لم نَجدْ ما بين ثُوَّار العَرَبْ
ثائراً .. لم يُغْمِدِ السِكّينَ فينا …
نزار قباني
من روائع نزار قباني
متهمون نحن بالإرهاب
إذا رفضنا محونا
على يد المغول … واليهود
والبرابرة
إذا رمينا حجرًا
على زجاج مجلس الأمن الذي
استولى عليه العهر والقياصرة
من روائع نزار قباني
ابنتي اسمها خزيمه
إبنتي إسمهـا لا تحمله امــرأة في العالــم
هي الوحيدة على وجه الأرض التي تحمل اسمها، فهو مقتبس من قصة ظريفة رويتها في أحد بحوثي التأريخية حول صنعاء، كشفت فيه سبب تسمية أشهر مقابر اليمن بـ(خـُزَيـْمـَـة)..
حيث تروي القصة أن (خـُزَيـْمـَـة) كانت ابنة تاجر توابل فرنسي يهودي توفيت أمها بعد ولادتها بيومين فتعهدتها أسرة يمنية مسلمة، ولما شبت قليلاً بدأت تحضر دروس حفظ القرآن مع أطفال هذه الأسرة، وكانت تحفظ السورة بمجرد ترديدها 3-4 مرات حتى حفظت القرآن كاملاً وهي في سن 10 سنوات، ودون علم أبيها.
وفي سن 13 مرض أبوها وخشي أن يموت في الغربة فتذل ابنته بعده، فعاد بها الى موطنه فرنسا ومات في نفس العام. وفي سن 16 عاماً اجتاحت الكوليرا اوروبا فأصيبت (خـُزَيـْمـَـة) وشارفت على الموت فكتبت وصية بالعربية ووضعتها في صندوق مصوغاتها واموالها التي ورثتها عن ابيها وأوصت بان يدفن الصندوق معها. وهو ما تم فعلاً.
في نفس الليلة حلم بها رب الأسرة اليمنية التي ربتها، وكانت تدله على مكان بصنعاء وتطلب منه حفره ليجد أمانة مودعة له. فخيل له أنها أطغاث من كثر اشتياقه لها. ثم تكرر الحلم الليلة التالية فقصه على اصحابه فنصحوه بالمبيت بالمسجد فالاحلام الشيطانية لاتأتي لأحد في بيت الله. ففعل وتكرر الحلم، وحينئذ اصطحب رفاقه وقصدوا المكان وحفروا فوجوا جثة (خـُزَيـْمـَـة) وكأنها مدفونة للتو ومعها الصندوق ووصية توصي بمالها وأراضي ابيها في صنعاء وقفاً للفقراء..
دهش الجميع لهذه المعجزة التي نقلت جثتها من فرنسا الى اليمن، وفسرها العلماء بأن الله اراد اكرامها في الدنيا قبل الاخرة بنقلها من مقبرة اليهود الى مقبرة مسلمين لتدفن على سنن الاسلام ويعلم الناس باسلامها.. ومن يومها اتخذها اليمنيون ولياً طاهراً، فصاروا يوصون بالدفن بجوار قبرها حتى صار ذلك المكان اكبر واشهر مقابر اليمنيين ومازال الى اليوم يحمل اسمها..
هذه القصة نشرتها الصحف الرسمية اليمنية على لساني في نفس اليوم الذي جاء الطلق لزوجتي، وكانت قد قرأتها واستمتعت بها، ولما تعسرت ولادتها كثيرا نذرت بأن تسمي المولودة (خـُزَيـْمـَـة) تيمناً بما خصها الله من تكريم على ايمانها وحسن اسلامها.
وهكذا رزقنا يوم 11/9/1995م بابنتنا (خـُزَيـْمـَـة) التي أصبحت أول فتاة تحمل هذه الاسم.. علماً أن (خـُزَيـْمـَـة) اسم قبيلة عربية شهيرة ينتسب اليها الرسول صلى الله عليه واله وسلم، وفي المعجم تعني نوع من الزهور الصغيرة.
هذه القصة أوردتها أيضاً في حلقة تلفزيونية عن حياتي في اليمن، ويمكن مشاهدتها على الرابط التالي..
http://www.youtube.com/ watch?v=coTygR9Oe2A
❀*°•.¸.✿¸.•°ƸƷ نــــزار العبـــــادي
http://www.youtube.com/
❀*°•.¸.✿¸.•°ƸƷ نــــزار العبـــــادي